الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

القراءة: قرأ يعقوب { والأَنصار } بالرفع وهي قراءة عمر بن الخطاب والحسن وقتادة والقراءة المشهورة { والأَنصار } بالجر وقرأ ابن كثير وحده من تحتها بزيادة من وكذلك هو في مصاحف مكة وقرأ الباقون تحتها بغير من وعليه سائر المصاحف والمعنى واحد. الحجة: من قرأ بالرفع عطفه على قوله السابقون ومن قرأ بالجر عطفه على المهاجرين وأما قوله { والذين اتبعوهم بإحسان } فيجوز أن يكون معطوفاً على الأَنصار في رفعه وجرّه ويجوز أن يكون معطوفاً على السابقون وأن يكون معطوفاً على الأَنصار أولى لقربه منه. الإِعراب: السابقون مبتدأ والأَولون صفته من المهاجرين تبيين لهم والذين اتبعوهم إن حملته على السابقون كان مرفوعاً وإن حملته على الأَنصار كان مجروراً وخبر الأَسماء كلها { رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم } عطف على رضي فالوقف على قوله { خالدين فيها أبداً }. النزول: قيل: نزلت هذه الآية فيمن صلى إلى القبلتين عن سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وقتادة. وقيل: نزلت فيمن بايع بيعة الرضوان وهي بيعة الحديبية عن الشعبي. قال: ومن أسلم بعد ذلك وهاجر فليس من المهاجرين الأَولين. وقيل: هم أهل بدر عن عطاء بن رباح. وقيل: هم الذين أسلموا قبل الهجرة عن الجبائي. المعنى: لمّا تقدم ذكر المنافقين والكفار عقَّبه سبحانه بذكر السابقين إلى الإِيمان فقال { والسابقون الأَولون } أي السابقون إلى الإِيمان وإلى الطاعات وإنما مدحهم بالسبق لأَن السابق إلى الشيء يتبعه غيره فيكون متبوعاً وغيره تابع له فهو إمام فيه وداع له إلى الخير بسبقه إليه وكذلك من سبق إلى الشرّ يكون أسوأ حالاً لهذه لعلة { من المهاجرين } الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وإلى الحبشة { والأَنصار } أي ومن الأَنصار الذين سبقوا نظراءهم من أهل المدينة إلى الإِسلام ومن قرأ { والأَنصارُ } بالرفع لم يجعلهم من السابقين وجعل السبق للمهاجرين خاصة { والذين اتبعوهم بإحسان } أي بأفعال الخير والدخول في الإِسلام بعدهم وسلوك مِنهاجهم ويدخل في ذلك من يجيء بعدهم إلى يوم القيامة { رضي الله عنهم ورضوا عنه } أخبر سبحانه أنه رضي عنهم أفعالهم ورضوا عن الله سبحانه لما أجزل لهم من الثواب على طاعاتهم وإيمانهم به ويقينهم. { وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأَنهار خالدين فيها أبداً } أي يبقون ببقاء الله منعمين { ذلك الفوز العظيم } أي الفلاح العظيم الذي يصغر في جنبه كل نعيم وفي هذه الآية دلالة على فضل السابقين ومزيتهم على غيرهم لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين فمنها مفارقة العشائر والأَقربين ومنها مباينة المألوف من الدين، ومنها نصرة الإِسلام وقلة العدد وكثرة العدو ومنها السبق إلى الإِيمان والدعاء إليه. واختلف في أول من أسلم من المهاجرين فقيل: ان أول من آمن خديجة بنت خويلد ثم علي بن أبي طالب ع وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد الله وأنس وزيد بن أرقم ومجاهد وقتادة وابن إسحاق وغيرهم قال أنس بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلى عليّ ع وأسلم يوم الثلاثاء وقال مجاهد وابن إسحاق أنه أسلم وهو ابن عشر سنين وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه من أبي طالب وضمَّه إلى نفسه يربيه في حجره وكان معه حتى بعث نبياً.

السابقالتالي
2