الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخْزِي ٱلْكَافِرِينَ }

اللغة: معنى البراءة انقطاع العصمة يقال: برأ يَبَرأ براءة وتَبَرّأ تَبرُوءً وأبرأه إبراء والسيح السير على مهل يقال: ساح سَيْحاً وسياحة وسُيُوحاً وسَيَحاناً والإعجاز إيجاد العجز والعجز ضدُّ القدرة عند من أثبته معنى والإخزاء الإذلال بما فيه الفضيحة والعار، والخزي: النكال الفاضح. الإعراب: براءة ترتفع على أنها خبر مبتدأ محذوف وتقديره هذه الآيات براءة ويحتمل أن يكون مبتدأ وخبره في الظرف وهو قوله { إلى الذين } وجاز أن يكون المبتدأ نكرة لأنها موصوفة والأول أجود لأنه يدلُّ على حضور المدرك كما تقول لمن تراه حاضراً حسن والله أي هذا حسن. المعنى: { براءة من الله } أي هذه براءة من الله { ورسوله } أي انقطاع للعصمة ورفع للأمان وخروج من العهود { إلى الذين عاهدتم من المشركين } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين والمعنى تبرؤا ممن كان بينكم وبينهم عهد من المشركين فإن الله ورسوله بريئان منهم. قال الزجاج معناه قد برئ الله ورسوله من إعطائهم العهود والوفاء لهم بهما إذ نكثوا وإذا قيل كيف يجوز أن ينقض النبي صلى الله عليه وسلم العهد فالقول فيه: إنه يجوز أن ينقض ذلك على أحد ثلاثة أوجه: إما أن يكون العهد مشروطاً بأن يبقى إلى أن يرفعه الله تعالى بوحي، وإما أن يكون قد ظهر من المشركين خيانة ونقض فأمر الله سبحانه بأن ينبذ إليهم عهدهم، وإما أن يكون مؤجلاً إلى مدة فتنقضي المدة وينتقض العهد. وقد وردت الرواية بأن النبي صلى الله عليه وسلم شرط عليهم ما ذكرناه وروي أيضاً أن المشركين كانوا قد نقضوا العهد أو همُّوا بذلك فأمره الله سبحانه أن ينقض عهودهم ثم خاطب الله سبحانه المشركين فقال { فسيحوا في الأرض } أي سيروا في الأرض على وجه المهل وتصرَّفوا في حوائجكم آمنين من السيف { أربعة أشهر } فإذا انقضت هذه المدة ولم تسلموا انقطعت العصمة عن دمائكم وأموالكم { واعلموا أنكم غير معجزي الله } أي غير فائتين عن الله كما يفوت ما يعجز عنه لأنكم حيث كنتم في سلطان الله وملكه { وأن الله مخزي الكافرين } أي مذلُّهم ومهينهم واختلف في هذه الأشهر الأربعة. فقيل: كان ابتداؤها يوم النحر إلى العاشر من شهر ربيع الآخر عن مجاهد ومحمد بن كعب القرظي وهو المروي عن أبي عبد الله ع وقيل: إنما ابتداء أجلهم الأشهر الأربعة من أول شوال إلى آخر المحرم لأن هذه الآية نزلت في شوال عن ابن عباس والزهري. قال الفراء: كانت المدة إلى آخر المحرم لأنه كان فيهم من كانت مدته خمسين ليلة وهو من لم يكن له عهد من النبي صلى الله عليه وسلم فجعل الله له ذلك.

السابقالتالي
2 3