الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } * { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } * { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } * { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } * { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } * { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم إلا يحيى ران بكسر الراء والباقون بفتحها. اللغة: التطفيف نقص المكيال والميزان والطفيف الشيء النزر القليل مأخوذ من طف الشيء وهو جانبه وفي الحديث: " كلكم بنو آدم طف الصاع لم تملؤوه فليس لأحد فضل إلا بالتقوى " وطف الصاع قريب من ملئه أي بعضكم قريب من بعض وإناء طفان إذا لم يكن ملآن والاكتيال الأخذ بالكيل ونظيره الاتزان وهو الأخذ بالوزن وإذا كالوهم أو وزنوهم كان عيسى بن عمر يجعل " هم " فصلاً في موضع رفع أو تأكيداً للضمير في كالوا أو وزنوا والباقون يجعلونها ضمير المنصوب وهو الصحيح وأهل الحجاز يقولون وزنتك حقك وكلتك طعامك وعليه جاء التنزيل وغيرهم يقول وزنت لك وكلت لك ويقال أخسرت الميزان وخسرته أي نقصت في الوزن والسجين فعيل من السجن قال ابن مقبل:
" ضَرْباً تَواصـى بِهِ الأَبْطــالُ سِجّينــا "   
أي شديداً وقيل السجين هو السجن على التخليد فيه لأن هذا الوزن للمبالغة قالوا شريب وسكير وشرير والرقم طبع الخط بما فيه علامة لأمر يقال رقمت الثوب أرقمه رقماً والرين أصله الغلبة ران على قلبه أي غلب عليه والخمر ترين على قلب السكران والموت يرين على الميت فيذب به وفي حديث عمر بن الخطاب أنه قال في اسيفع جهينة لما ركبه الدين أدّان معرضاً فأصبح قد رين به أي أحاط الدين بماله حتى غلبه. الإعراب: يوم يقوم الناس منصوب بقوله مبعوثون أي ألا يظنون أنهم مبعوثون يوم القيامة وقيل في أصل كلا قولان: أحدهما: أنها كلمة واحدة من غير تركيب وضعت للردع والزجر وجرت مجرى الأصوات نحو صه ومه ونحوهما الثاني: أن يكون الكاف للتشبيه دخلت على لا وشدّدت للمبالغة في الزجر مع الإِيذان بتركيب اللفظ. النزول: قيل: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً فأنزل الله عز وجل ويل للمطففين فأحسنوا الكيل بعد ذلك عن عكرمة عن ابن عباس. وقيل: أنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وبها رجل يقال له أبو جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر فنزلت الآيات عن السدي. المعنى: { ويل للمطففين } وهم الذين ينقصون المكيال والميزان ويبخسون الناس حقوقهم في الكيل والوزن قال الزجاج: وإنما قيل له مطفف لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف ثم فسَّر المطففين فقال { الذين إذا اكتالوا على الناس } أي إذا كالوا ما على الناس ليأخذوه لأنفسهم { يستوفون } عليهم الكيل ولم يذكر اتزنوا لأن الكيل والوزن بهما الشراء والبيع فأحدهما يدل على الآخر. { وإذا كالوهم أو وزنوهم } أي كالوا لهم أو وزنوا لهم { يخسرون } أي ينقصون والمعنى أنهم إذا كالوا أو وزنوا لغيرهم نقصوا تقول كلتك وكلت لك كما تقول نصحتك ونصحت لك ويروى عن ابن مسعود أنه قال الصلاة مكيال فمن وفى وفى الله له ومن طفف قد سمعتم ما قال الله في المطففين.

السابقالتالي
2 3 4