الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } * { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } * { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } * { كِرَاماً كَاتِبِينَ } * { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } * { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة وأبو جعفر فعدلك خفيفة والباقون بالتشديد وقرأ أبو جعفر بل يكذبون بالياء والباقون بالتاء وقرأ ابن كثير وأهل البصرة { يوم لا تملك } بالرفع والباقون بالنصب وفي الشواذ قراءة سعيد بن جبير ما أغرك بربك. الحجة: أما عدلك بالتشديد فمعناه عدل خلقك فأخرجك في أحسن تقويم وأما عدلك بالتخفيف فمعناه عدل بعضك ببعض فكنت معتدل الخلقة متناسبها فلا تفاوت فيها وقوله { يكذبون } بالياء يكون إخباراً عن الكفار وبالتاء على خطابهم وأما وجه الرفع في قوله { يوم لا تملك نفس } أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو يوم لا تملك والمعنى يوم الدين يوم لا تملك نفس. وأما النصب فإنه لما قال { وما أدراك ما يوم الدين } فجرى ذكر الدين وهو الجزاء قال يوم لا تملك يعني الجزاء يوم لا تملك نفس فصار يوم لا تملك خبر الجزاء المضمر لأنه حدث وتكون أسماء الزمان إخباراً عن الحدث ويجوز النصب على وجه آخر وهو أن اليوم لما جرى في أكثر الأمر ظرفاً ترك على ما كان يكون عليه في أكثر أمره والدليل على ذلك ما اجتمع عليه القراء والعرب في قوله تعالىوأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك } [الجن: 11] ومما يقوي النصب في ذلك قولهوما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس } [القارعة: 2 3] وقولهيسألون أيان يوم الدين يوم هم على النار يفتنون } [الذاريات: 11] فالنصب في يوم لا تملك نفس مثل هذا ونحوه قال أبو الحسن: ولو رفع ذلك كله كان جيداً إلا أنا نختار ما عليه الناس. وأما من قرأ ما أغرَّك فيجوز أن يكون معناه ما الذي دعاك إلى الاغترار به ويجوز أن يكون تعجباً وقد قيل في قولهفما أصبرهم على النار } [البقرة: 175] هذان الوجهان وأغرك يجوز أن يكون من الغر والغرارة فيكون معناه ما أجهلك وما أغفلك عما يراد بك ويجوز أن يكون من الغرور على غير القياس كما قيل في المثل أشغل من ذات النحيين. اللغة: الانفطار والانشقاق والانصداع نظائر والانتثار تساقط الشيء في الجهات والتفجير خرق بعض مواضع الماء إلى بعض على التكثير ومنه الفجور لانخراق صاحبه بالخروج إلى كثير من الذنوب ومنه الفجر لانفجاره بالضياء وبعثرت الحوض وبحثرته إذا جعلت أسفله أعلاه والبعثرة والبحثرة إثارة الشيء بقلب باطنه إلى ظاهره والغرور ظهور أمر يتوهم به جهلاً الأمان من المحذور يقال غره غروراً واغتره اغتراراً قال الحرث بن حلزة:
لَمْ يُغَـرُّوكُمُ غُـرُوراً وَلكِنْ   رَفَعَ الآلُ جَمْعَهُمْ وَالضَّحاءُ
الإعراب: قوله { في أيّ صورة ما شاء } يجوز أن تكون ما مزيدة مؤكَّدة والمعنى في أيّ صورة شاء ركَّبك إما طويلاً وإما قصيراً وإما كذا وكذا يكون ركبك عطفاً على عدلك فحذف الواو ويجوز أن يكون ما في معنى الشرط والجزاء فيكون المعنى في أيّ صورة ما شاء أن يركبك فيها ركبك ولا يكون على هذا قوله في أي صورة من صلة ركبك لأن سيبويه قال إن تضرب زيداً أضرب عمراً ولا يجوز تقديم عمرو على أن فوجب أن يكون قوله في أيّ صورة من صلة مضمر ولا يكون من صلة عدلك لأنه استفهام فلا يعمل فيه ما قبله.

السابقالتالي
2 3 4