الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } * { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } * { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } * { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } * { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } * { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

القراءة: قرأ أهل البصرة غير سهل وابن كثير والكسائي بظنين بالظاء والباقون بضنين بالضاد. الحجة: الظنين المتهم من قولهم ظننت أي اتهمت لا من ظننت المتعدي إلى مفعولين إذ لو كانت منه لكان لا بد من ذكر المفعول الثاني وفي أنه لم يذكر المفعول الآخر دلالة على أنه من ظننت بمعنى اتهمت وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف بالأمين وبذلك وصفه أبو طالب في قوله:
إنَّ ابْنَ آمِنة الأَمِينَ مُحَمَّداً   عِنْــدِي بمِثْلِ مَنازِلِ الأَوْلادِ
ومن قرأ بضنين فهو من البخل والمعنى أنه يخبر بالغيب فيبينه ولا يكتمه كما يمتنع الكاهن من إعلام ذلك حتى يأخذ عليه حُلواناً. اللغة: الخنس جمع خانس والكنس جمع كانس وأصلهما الستر والشيطان خناس لأنه يخنس إذا ذكر الله تعالى أي يذهب ويستتر وكناس الطير والوحش بيت يتخذه ويختفي فيه والكواكب تكنس في بروجها كالظباء تدخل في كناسها وعسعس الليل إذا أقبل من أوله وأظلم وعسعس إذا أدبر وهو من الأضداد قال علقمة بن قرط:
حَتّــى إذَا الصُّبْــحُ لَهـا تَنَفَّسا   وَانْجابَ عَنْها لَيْلُها وَعَسْعَسا
والعس طلب الشيء بالليل ومنه أخذ العسس ويقال عسعس الليل وسعسع. الإعراب: { إنه لقول رسول كريم } جواب القسم ثم وصف الرسول بأوصاف إلى قوله { أمين } ثم قال { وما صاحبكم بمجنون } وهو معطوف على جواب القسم وكذلك ما بعده وقوله { فأين تذهبون } اعتراض قال الفراء: تقول العرب إلى أين تذهب وأين تذهب وتقولون ذهبت الشام وخرجت الشام وانطلقت السوق سمعناه في هذه الأحرف الثلاثة وأنشد الفراء:
تَصِيــحُ بِنــا حَنِيفَـةُ إذْ رَأَتْنا   وَأَيَّ الأَرْضِ تَذْهبُ لِلصِّياحِ
يريد إلى أيّ الأرض ولم يحك سيبويه من هذا إلا ذهبت الشام وعلى هذا جاء فأين تذهبون والمعنى فإلى أين تذهبون وقوله { إن هو إلا ذكر للعالمين } جواب القسم أيضاً وقوله { وما تشاءون } داخل في جواب القسم أيضاً وقوله { لمن شاء منكم } بدل من قوله { للعالمين } بدل البعض من الكل فإذا السورة كلها مركبة من فعل وفاعل ومن قسم وأجوبة. المعنى: ثم أكَّد سبحانه ما تقدَّم بالقسم فقال { فلا أقسم } أي فأقسم ولا زائدة وقد ذكرنا اختلاف العلماء فيه عند قولهلا أقسم بيوم القيامة } [القيامة: 1] { بالخنس } وهي النجوم بخنس بالنهار وتبدو بالليل و { الجواري } صفة لها لأنها تجري في أفلاكها { الكنس } من صفتها أيضاً لأنها تكنس أي تتوارى في بروجها كما تتوارى الظباء في كناسها وهي خمسة أنجم زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد عن علي ع. وقيل: معناه أنها تخنس بالنهار فتختفي ولا ترى وتكنس في وقت غروبها فهذا خنوسها وكنوسها. وقيل: هي بقر الوحش عن ابن مسعود. وقيل: هي الظباء عن ابن جبير.

السابقالتالي
2 3