الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ } * { أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً } * { ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً } * { فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً } * { وَعِنَباً وَقَضْباً } * { وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً } * { وَحَدَآئِقَ غُلْباً } * { وَفَاكِهَةً وَأَبّاً } * { مَّتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } * { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } * { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } * { وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } * { وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } * { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } * { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } * { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } * { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة أنا صببنا بالفتح والباقون بالكسر وفي الشواذ قراءة ابن محيصن يعنيه بالعين وفتح الياء. الحجة: قال أبو علي من كسر كان ذلك تفسيراً للنظر إلى طعامه كما أن قولهلهم مغفرة } [المائدة: 9] تفسير للوعد ومن فتح فقال أنا فالمعنى على البدل بدل الاشتمال لأن هذه الأشياء مشتملة على كون الطعام وحدوثه فهو من نحويسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه } [البقرة: 217] وقتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود } [البروج: 4] وقولهوما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره } [الكهف: 63] لأن الذكر كالمشتمل على المذكور ومعنى إلى طعامه إلى كون طعامه وحدوثه وهو موضع الاعتبار قال ابن جني: قوله يعنيه بالعين قراءة حسنة إلا أن قراءة الجماعة أقوى معنى فإن الإنسان قد يعنيه الشيء ولا يغنيه عن غيره ألا ترى أن من كان له ألف درهم فيؤخذ منها مائة درهم يعنيه أمرها ولا يغنيه عن بقية ماله أن يهتم به ويراعيه فأما إذا أغناه الأمر عن غيره فإنَّ ذلك أقوى فاعرفه. اللغة: الحديقة البستان المحوط وجمعه حدائق ومنه قولهم أحدق به القوم إذا أحاطوا به والغلب الغلاظ شجرة غلباء غليظة قال الفرزدق:
عَـــوى فَأَثارَ أَغْلَـبَ ضَيْغَمِيّاً   فَوَيْلَ ابْنَ الْمَراغَهَ مَا اسْتَثارا
والأبُّ المرعى من الحشيش وسائر النبات الذي ترعاه الأنعام والدواب ويقال أب إلى سيفه فاستله أي بدر إليه وهب إليه فيكون كبدور المرعى بالخروج قال الأعشى:
صَرَمْتُ وَلَمْ أْصْرِمْكُمُ وَكَصارِمٍ   أَخٌ قَــدْ طـَوى كَشْحاً وَأَبَّ لِيَذْهَبَا
وقال في الأبّ:
جِذْ مُنا قَيْسٌ وَنَجْدٌ دارُنا   وَلَنَا الأَبُّ بِها وَالْمَكْرَعُ
والصاخة الصاكة لشدة صوتها الآذان فتصمها والقترة ظلمة الدخان ومنه القتار ريح الشواء لأنها كالدخان. الإعراب: { فإذا جاءت الصاخة } العامل في الظرف في قوله { لكل امرىءٍ منهم يومئذٍ شأن يغنيه } أي ثبت لكل امرىءٍ منهم ذلك في وقت مجيء الصاخة. المعنى: لمّا ذكر سبحانه خلق ابن آدم ذكر رزقه ليعتبر فقال { فلينظر الإنسان إلى طعامه } الذي يأكله ويتقوته من الأطعمة الشهية اللذيذة كيف خلقها سبحانه وهيَّأها لرزق عباده ليفكر كيف مكَّنه من الانتفاع بذلك. ثم بيَّن فقال { أنا صببنا الماء صبّاً } أي نزلنا الغيث إنزالاً { ثم شققنا الأرض شقاً } بالنبات { فأنبتنا فيها } أي في الأرض { حباً } أي جنس الحبوب التي تغذى بها وتدخر { وعنباً } خصَّ العنب لكثرة منافعه { وقضباً } وهو القت الرطب يقضب مرة بعد أخرى يكون علفاً للدواب عن ابن عباس والحسن { وزيتوناً } وهو ما يعصر عنه الزيت { ونخلاً } جمع نخلة { وحدائق غلباً } أي وبساتين محوطة تشتمل على أشجار عظام غلاظ مختلفة. وقيل: غلباً ملتفة الشجر عن مجاهد { وفاكهة } يعني سائر ألوان الفواكه { وأبّاً } وهو المرعى والكلأ الذي لم يزرعه الناس مما تأكله الأنعام.

السابقالتالي
2