الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } * { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

اللغة: الفتنة أصلها الإمتحان ثم تستعمل في أشياء منها الكفر والشرك وذلك نحو قولـه تعالىوالفتنة أكبر من القتل } [البقرة: 191]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } [البقرة: 193] ومنها العذاب نحو قولـه تعالى:جعل فتنة الناس كعذاب الله } [العنكبوت: 10] وقولـه:ذوقوا فتنتكم } [الذاريات: 14] يعني عذابكم بالتحريق بالنار ومنها المعذرة في نحو قولـه تعالى:ثم لم تكن فتنتهم } [الأنعام: 23] أي معذرتهم ومنها القتل في نحو قولـه:إن خفتم أن يفتنكم } [النساء: 101] أي يقتلكم وقولـهعلى خوف من فرعون وملئه أن يفتنهم } [يوسف: 83] ومنها الهرج والابتلاء على أثر البلاء في نحو قولـهوهم لا يفتنون } [العنكبوت: 2]ولقد فتنا الذين من قبلهم } [العنكبوت: 3] وهذا التفصيل مأخوذ من قول الصادق ع والكريم فاعل الكرم والكرم الجود العظيم والشرف قال:
تِلْكَ الْمَكارِمُ لا قَعْبانِ مِنْ لَبَــنٍ   شِيبا بِماءٍ فَعادا بَعْدُ أبْوالا
والرزق الكريم العظيم الواسع. الإعراب: قولـه فعليكم النصر ويجوز في العربية فعليكم النصر على قولك عليك زيداً ولم يقرأ بها. المعنى: ثم ذكر سبحانه وتعالى حكم الكافرين فقال: { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } أي بعضهم أنصار بعض عن ابن إسحاق وقتادة. وقيل: معناه بعضهم أولى ببعض في الميراث عن ابن عباس وأبي مالك { إلا تفعلوه } وتقديره ألا تفعلوا ما أمرتم به في الآية الأولى والثانية ومخرجه مخرج الخبر والمراد به الأمر وتقديره إلا تفعلوا ما أمرتم به من التناصر والتعاون والتبرء من الكفار: { تكن فتنة في الأرض وفساد كبير } على المؤمنين الذين لم يهاجروا ويريد بالفتنة هنا المحنة بالميل إلى الضلال وبالفساد الكبير ضعف الإيمان. وقيل: إن الفتنة هي الكفر لأن المسلمين إذا والوهم تجرؤوا على المسلمين ودعوهم إلى الكفر وهذا يوجب التبرء منهم والفساد الكبير سفك الدماء عن الحسن. وقيل: معناه وإن لم تعلقوا التوارث بالهجرة ولم تقطعوه بعدمها أدى إلى فتنة في الأرض باختلاف الكلمة وفساد عظيم بتقوية الخارج عن الجماعة عن ابن عباس وابن زيد. ثم عاد سبحانه إلى ذكر المهاجرين والأنصار ومدحهم والثناء عليهم فقال: { والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله } أي صدقوا الله ورسوله وهاجروا من ديارهم وأوطانهم يعني من مكة إلى المدينة وجاهدوا مع ذلك في أعلاء دين الله { والذين آووا ونصروا } أي ضموهم إليهم ونصروا النبي صلى الله عليه وسلم { أولئك هم المؤمنون حقاً } أي أولئك الذين حققوا إيمانهم بالهجرة والنصرة بخلاف من أقام بدار الشرك. وقيل: معناه أن الله حقق إيمانهم بالبشارة التي بشرهم بها ولم يكن لمن لم يهاجر ولم ينصر مثل هذا واختلفوا في أن الهجرة هل تصح في هذا الزمان أم لا فقيل لا تصح لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

السابقالتالي
2