الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

القراءة: قرأ أبو جعفر أن تكون له بالتاء أسارى وقرأ أهل الكوفة أن تكون له بالتاء أسرى والباقون أن يكون له بالياء أسرى. الحجة: من قرأ بالتاء فلأن الجمع مؤنث ومن قرأ بالياء فلأنهم مذكرون في المعنى وقد وقع الفصل بين الفعل والفاعل قال أبو علي: والأسرى أقيس من الأسارى لأن أسير أفعيل بمعنى مفعول وذلك يجمع على فعلى نحو جريح وجرحى وقتيل وقتلى واستمر هذا الجمع في الباب وكثر حتى شبه به غيره مما ليس منه ولكن لموافقته مثل مرضى وهلكى وموتى وذلك أن هذه أمور ابتلوا بها وأدخلوا فيها وهم لها كارهون فصار لذلك مشبهاً بفعيل في قول الخليل وإنما قالوا أسارى على التشبيه بكسالى كما قالوا كسلى على التشبيه بأسرى وقال الأزهري الأسارى: جمع الأسرى فهو جمع الجمع. اللغة: الأسر الشد على المحارب بما يصير به في قبضة الآخذ له وفلان مأسور أي مشدود وكانوا يشدون الأسير بالقد، والإثخان في الأرض تغليظ الحال بكثرة القتل والثخن والغلظ والكثافة نظائر وقد أثخنه المرض إذا اشتدت قوته عليه وأثخنه الجراح والعرض متاع الدنيا سماه عرضاً لقلة لبثه والفرق بين الحلال والمباح أن الحلال من حل العقد في التحريم والمباح من التوسعة في الفعل وإن اجتمعا في الحل والطيب المستلذ وشبه الحلال به فسمي طيباً واللذة نيل المشتهى. الإعراب: الفاء في فكلوا دخلت للجزاء المعنى لقد أحللت لكم الغذاء فكلوا وحلالاً طيباً منصوب على الحال. المعنى: { ما كان لنبي } أي ليس له ولا في عهد الله إليه { أن يكون له أسرى } من المشركين ليفديهم أو يمن عليهم { حتى يثخن في الأرض } أي حتى يبالغ في قتل المشركين وقهرهم ليرتدع بهم من وراءهم وقال أبو مسلم: الإثخان الغلبة على البلدان والتذليل لأهلها يعني حتى يتمكن في الأرض. { تريدون عرض الدنيا } هذا خطاب لمن دون النبي صلى الله عليه وسلم من المؤمنين الذين رغبوا في أخذ الفداء من الأسرى في أول وقته ورغبوا في الحرب للغنيمة قال الحسن وابن عباس: يريد يوم بدر ويقول أخذتم الفداء من الأسرى في أول وقعة كانت لكم من قبل أن تثخنوا في الأرض وعرض الدنيا مال الدنيا لأنه بمعرض الزوال. { والله يريد الآخرة } أي تريدون عاجل الحظ من عرض الدنيا والله يريد لكم ثواب الآخرة { والله عزيز } لا يغلب أنصاره فاعملوا ما يريده منكم لينصركم { حكيم } يجري أفعاله على ما توجبه الحكمة فصل سبحانه بين ارادة نفسه وارادة عباده ولو كان ما أرادوه على ما قاله المجبرة لم يصح هذ التفصيل. { لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم } قيل في معناه أقوال: أحدها: لولا ما مضى من حكم الله أن لا يعذب قوماً حتى يبين لهم ما يتقون وأنه لم يبين لكم أن لا تأخذوا الفداء لعذبكم بأخذ الفداء عن ابن جريج.

السابقالتالي
2 3