الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

اللغة: الغنيمة ما أخذ من أموال أهل الحرب من الكفار بقتال وهي هبة من الله تعالى للمسلمين والفيء ما أخذ بغير قتال وهو قول عطاء ومذهب الشافعي وسفيان وهو المروي عن أئمتنا ع وقال قوم الغنيمة والفيء واحد وادّعوا أن هذه الآية ناسخة للتي في الحشر من قولـهما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } [الحشر: 7] الآية واليتيم الذي مات أبوه وهو صغير قبل البلوغ وكل حيوان يتيم من قبل أمّه إلاّ الإِنسان فإنه من قبل أبيه والمسكين الذي تحل له الصدقة وهو المحتاج الذي من شأنه أن تسكنه الحاجة عما ينهض به الغني وابن السبيل المسافر المنقطع به في سفره وإنما قيل ابن السبيل لأن السبيل أخرجه إلى هذا المستقر كما أخرجه أبوه إلى مستقره. الإِعراب: فأن لله خمسه قيل في فتح أنّ قولان: أحدهما: أن تقديره فعلى أن لله خمسه ثم حذف حرف الجر. والآخر: أنه عطف على أن الأُولى وحذف خبر الأُولى لدلالة الكلام عليه وتقديره اعلموا أنما غنمتم من شيء يجب قسمته فاعلموا أن لله خمسه. المعنى: ثم بَيَّن سبحانه حكم الغنيمة فقال سبحانه مخاطباً للمسلمين { واعلموا أنما غنمتم من شيء } أي مما قلَّ أو كثر { فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى } اختلف العلماء في كيفية قسمة الخمس ومن يستحقه على أقوال: أحدها: ما ذهب إليه أصحابنا وهو أن الخمس يقسم على ستة أسهم فسهم لله وسهم للرسول وهذان السهمان مع سهم ذي القربى للإِمام القائم مقام الرسول صلى الله عليه وسلم وسهم ليتامى آل محمد وسهم لمساكينهم وسهم لأَبناء سبيلهم لا يشركهم في ذلك غيرهم لأَن الله سبحانه حرم عليهم الصدقات لكونها أوساخ الناس وعوَّضهم من ذلك الخمس وروى ذلك الطبري عن علي بن الحسين زين العابدين ع ومحمد بن علي الباقر عليهما السلام وروي أيضاً عن أبي العالية والربيع أنه يقسم على ستة أسهم إلاّ قالا سهم الله للكعبة والباقي لمن ذكره الله وهذا القسم مما يقتضيه ظاهر الكتاب ويقويه. والثاني: أن الخمس يقسم على خمسة أسهم وإن سهم الله والرسول واحد ويصرف هذا السهم إلى الكُراع والسلاح وهو المروي عن ابن عباس وإبراهيم وقتادة وعطاء. والثالث: أن يقسم على أربعة أسهم سهم ذي القربى لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم والأَسهم الثلاثة لمن ذكروا بعد ذلك من سائر المسلمين وهو مذهب الشافعي. والرابع: أنه يقسم على ثلاثة أسهم لأن سهم الرسول قد سقط بوفاته عندهم لأَن الأَنبياء لا يورثون فيما يزعمون وسهم ذي القربى قد سقط لأَن أبا بكر وعمر لم يعطيا سهم ذي القربى ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة عليهما وهو مذهب أبي حنيفة وأهل العراق ومنهم من قال لو أعطى فقراء ذوي القربى سهماً والآخرون ثلاثة أسهم جاز.

السابقالتالي
2 3