الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { إِذْ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن ٱلسَّمَآءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ ٱلشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلأَقْدَامَ } * { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } * { ذٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ ٱلنَّارِ }

القراءة: قرأ أهل المدينة ويعقوب مردَفين بفتح الدال والباقون مردِفين بكسر الدال وقرأ أهل المدينة يُغْشيكم بضم الياء وسكون الغين النَعاس بالنصب وقرأ ابن كثير وأبو عمرو يغشاكم بالألف وفتح الياء النُعاس بالرفع والباقون يُغَشّيكم بضم الياء وفتح الغين والتشديد النَعاس بالنصب وفي الشواذ قراءة الشعبي ما ليطهّركم به ما بمعنى الذي. الحجة: قال أبو علي: مردفين يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون مردفين مثلهم كما قالوا أردفت زيداً خلفي فيكون في الآية المفعول الثاني محذوفاً. والآخر: أن يكونوا جاؤوا خلفهم تقول العرب بنو فلان يردفوننا أي يجيؤون بعدنا وقال أبو عبيدة: مردفين جاؤوا بعد، وردفَني وأَرْدَفني واحد قال الشاعر:
إذَا الجَوْزاءُ أَرْدَفَتِ الثُرَيّا   ظَنَنْتُ بِآلِ فاطِمَةَ الظُّنُونا
وهذا الوجه كأنه أبين لقولـه: { إذ تستغيثون ربكم } إلى قولـه: { مردفين } أي جائين بعد استغاثتكم ربكم وإمداده إياكم بهم فمردفين على هذا صفة لألف وقال الزجاج: معناه يأتون فرقة بعد فرقة ومردفين على أردفوا الناس أي أنزلوا بعدهم فيجوز على هذا أن يكون حالاً من الضمير المنصوب في ممدكم مردفين بألف من الملائكة وقرأ في الشواذ مردِفّين ومُرِدِفّين والأصل فيهما مرتدفين فأدغم التاء في الدال فلما التقى ساكنان حرّك الراء لالتقاء الساكنين فشمَّت تارة اتباعاً لضمة الميم وكسرت تارة لأن الساكن يحرّك بالكسر. ومن قرأ يُغْشِيكم ويُغَشيكم فلأنه أشبه بما بعده من قولـه: { وينزل عليكم } فكما أنه مسند إلى اسم الله فكذلك يغشى ويغشى ومن قرأ يغشاكم فإنه أسند الفعل إلى النعاس كما في قولـه:أمنة نعاساً يغشى } [آل عمران: 154]، وأَغْشى وغَشّى معناهما واحد وقد جاء بهما التنزيل قال سبحانه: { فأغشيناهم } وقال فغشَّاها ما غَشّى ومن قرأ ما ليطهّركم به فإن ما ههنا موصولة وصلتها حرف الجر بما بعده فكأنه قال للطهور كقولك كسوت الثوب الذي لدفع البرد وهذه اللام في قراءة الجماعة ماء ليطهركم به. هي لام المفعول له وهي كقولـه:إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله } [الفتح: 1] ويتعلق بنفس الفعل واللام التي في قراءة من قرأ ما ليطهّركم به أي الذي للطهارة به فمتعلقة بمحذوف وفيها ضمير لتعلقها بالمحذوف. اللغة: الرُعْب الخوف يقال رَعبته أرعبَه رَعْباً ورُعْباً والرعب انزعاج النفس بتوقع المكروه وأصله التقطيع من قولـهم رعبت السنام ترعيباً إذا قطعته مستطيلاً فالرُعب تقطع حال السرور بضدّه من انزعاج النفس بتوقع المكروه ورَعَبَ السيل فهو راعب إذا امتلأ منه الوادي لأنه انقطع إليه من كل جهة والبنان الأطراف من اليدين والرجلين والواحد بنانة ويقال للإصبع بنانة وأصله اللزوم وأصله من أَبَنَّت السحابة أبناناً إذ لزمت قال الشاعر:
ألا لَيْتَنِي قَطَّعْتُ مِنْــهُ بَنانَـــهُ   ولاقَيْتُهُ في البَيْتِ يَقْظانَ حادِرا

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7