الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

القراءة: قرأ بن مسعود وسعد بن أبي وقاص وعلي بن الحسين وأبو جعفر بن محمد بن علي الباقر وزيد بن علي وجعفر بن محمد الصادق عليهم السلام وطلحة بن مصرف يسألونك الأنفال. الحجة: قال ابن جني: هذه القراءة بالنصب مؤدية عن السبب للقراءة الأخرى التي هي عن الأنفال وذلك أنهم إنما سألوه عنها تعرضاً لطلبها واستعلاماً لحالها هل يسوغ طلبها وهذه القراءة بالنصب أصرح بالتماس الأنفال وبيان عن الغرض في السؤال عنها فإن قلت هل يحسن حملها على حذف حرف الجر كأنه قال يسألونك عن الأنفال فلما حذف عن نصب المفعول كقولـه:
امرتك الخير فافعل ما أمِرتَ به   
قيل هذا شاذ إنما يحمله الشعر فأما القرآن فيختار له أفصح اللغات وإن كان قد جاءواختار موسى قومه } [الأعراف: 155]واقعدوا لهم كل مرصد } [التوبة: 5] فإن الأظهر ما قدمناه. اللغة: الأنفال جمع نفل والنفل الزيادة على الشيء يقال نفلتك كذا إذا زدته قال لبيد:
إنّ تَقْوَى رَبِنّا خَيْرُ نَفَلْ   وَبِإذْنِ اللهِ رَيْثِي وَالعَجَلْ
وقيل: النفل العطية ونفلتك أعطيتك والنافلة عطية التطوع من حيث لا يجب ومنه نوافل الصلاة والنوفل الرجل الكثير العطية. المعنى: { يسألونك } أي يسألك يا محمد جماعة من أصحابك { عن الأنفال } اختلف المفسرون في الأنفال ههنا فقيل هي الغنائم التي غنمها النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وهو المروي عن عكرمة عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد. وقيل: هي أنفال السرايا عن الحسن بن صالح بن حي. وقيل: هي ما شذ عن المشركين إلى المسلمين من عبد أو جارية من غير قتال أو ما أشبه ذلك عن عطاء. وقيل: هو للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة يعمل به ما شاء. وقيل: هو ما سقط من المتاع بعد قسمته الغنائم من الغرس والزرع والرمح عن ابن عباس في رواية أخرى وروي عنه أيضاً أنه سلب الرجل وفرسه ينفل النبي صلى الله عليه وسلم من شاء. وقيل: هي الخمس الذي جعله الله لأهل الخمس عن مجاهد في رواية أخرى وصَحّت الرواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا إن الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال وكل أرض انجلى أهلها عنها بغير قتال ويسميها الفقهاء فيء وميراث من لا وارث له وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم من غير غصب والآجام وبطون الأودية والأرضون الموات وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه وقالا هي لله وللرسول وبعده لمن قام مقامه فيصرفه حيث شاء من مصالح نفسه ليس لأحد فيه شيء وقالا: إن غنائم بدر كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة فسألوه أن يعطيهم وقد صح أن قراءة أهل البيت عليهم السلام يسألونك الأنفال.

السابقالتالي
2 3