الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } * { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } * { فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ } * { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } * { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } * { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ }

القراءة: قرأ أهل الحجاز والبصرة طوى بغير تنوين والباقون بالتنوين وقرأ أهل الحجاز وعباس ويعقوب تزكى بتشديد الزاء والباقون بتخفيفها. الحجة: قال أبو علي: قال أبو عبيدة: طوى مضمومة الأول ومكسورته فمن لم ينوّن جعله اسماً مؤنثاً ومن نوَّن جعله مثل ثنى على معنى المقدس مرة بعد مرة وروي عن الحسن أنه قرأ طوى بكسر الطاء وقال وطوي بالبركة والتقديس مرتين كما قال طرفة:
أَعاذِلَ إنَّ اللَّومَ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ   عَلَيَّ طُوًى مِنْ غَيِّكَ الْمُتَرَدِّدِ
أي أن لومك مكرر عليّ قال أبو علي: من لم يصرف طوى احتمل قوله أمرين أحدهما: أنه جعله اسم بلدة أو بقعة أو يكون معولاً كزفر وممر ومن صرف احتمل أيضاً أمرين أحدهما: أن يكون جعله اسم موضع أو بلد أو مكان والآخر: أن يكون مثل زحل وحطم ولكع وقوله { تزكى } معناه تطهر من الكفر والمبتدأ محذوف من اللفظ مراد في المعنى والتقدير هل لك إلى ذلك حاجة أو إربة قال الشاعر:
فَهَــلْ لَكُــمُ فِيهــا إلَــيَّ فَإنَّنــي   طَبِيبٌ لِما أَعْيَى النِّطاسِيَّ حِذْيَما
ومن قال تزكى أراد تتزكى فأدغم تاء التفعل في الزاء لتقاربهما ومن خفَّف حذف التاء التي أثبتها من أدغم وتخفيفها بالحذف أشبه. المعنى: ثم ذكر سبحانه قصة موسى ع فقال { هل أتاك } يامحمد { حديث موسى } استفهام يراد به التقرير { إذ ناداه ربه } أي حين ناداه الله ودعاه فالنداء الدعاء بطريقة يا فلان فالمعنى قال له يا موسى { بالواد المقدس } أي المطهر { طوى } اسم واد عن مجاهد وقتادة. وقيل: طوي بالتقديس مرتين وهو الموضع الذي كلَّم الله فيه موسى { اذهب إلى فرعون إنه طغى } أي علا وتكبَّر وكفر بالله وتجاوز الحد في الاستعلاء والتمرد والفساد. { فقل هل لك إلى أن تزكى } أي تتطهر من الشرك وتشهد أن لا إله إلا الله عن ابن عباس وهذا تلطف في الاستدعاء ومعناه هل لك رغبة إلى أن تسلم وتصلح وتطهر { وأهديك إلى ربك } أي وأدلّك إلى معرفة ربك وأنه خلقك وربّاك. وقيل: وأهديك أي أرشدك إلى طريق الحق الذي إذا سلكته وصلت إلى رضاء الله وثوابه { فتخشى } أي فتخافه فتفارق ما نهاك عنه وفي الكلام حذف تقديره فأتاه ودعاه. { فأراه الآية الكبرى } يعني العصا وقال الحسن: هي اليد البيضاء { فكذب } بأنها من الله { وعصى } نبيَّ الله وجحد نبوته { ثم أدبر } فرعون أي ولى الدبر ليطلب ما يكسر به حجة موسى في المعجزة العظيمة فما ازداد إلا غواية { يسعى } أي يعمل بالفساد في الأرض. وقيل: إنه لما رأى الحية في عظمها خاف منها فأدبر وسعى هرباً عن الجبائي { فحشر } أي فجمع قومه وجنوده { فنادى } فيهم { فقال أنا ربكم الأعلى } أي لا رب فوقي.

السابقالتالي
2