الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } * { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } * { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } * { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } * { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } * { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } * { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } * { إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } * { جَزَآءً وِفَاقاً } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } * { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } * { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } * { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً }

القراءة: قرأ أهل الكوفة غير الأعشى والبرجمي وفتحت بالتخفيف والباقون بالتشديد وقرأ حمزة لبثين بغير الألف والباقون لابثين بالألف والخلاف في غساق مذكور في ص ورووا عن علي بن أبي طالب ع وكذبوا بآياتنا كذاباً خفيفة والقراءة المشهورة وكذَّبوا بآياتنا كذاباً بالتثقيل وحكى أبو حاتم في الشواذ عن عبد الله بن عمر كُذَّاباً بضم الكاف وتشديد الذال. الحجة: قال أبو علي فتحت بالتشديد أوفق لقوله تعالىمفتحة لهم الأبواب } [ص: 50] ومن حجة التخفيف قوله فتحنا عليهم أبواب كل شيء وحجة من قرأ لابثين بالألف مجيء المصدر على اللبث فهو من باب شرب يشرب ولقم يلقم وليس من باب فرق يفرق إذ لو كان منه لكان المصدر مفتوح العين فلما أسكن وجب أن يكون اسم الفاعل على فاعل كشارب ولاقم كما كان اللبث كاللقم ومن قرأ لبثين جعل اسم الفاعل فَعِلا وقد جاء غير حرف من هذا النحو على فاعل وفعل والكذاب مصدر كذب كما أن الكلام مصدر كلم وكذا القياس فيما زاد على الثلاثة أن تأتي بلفظ الفعل وتزيد في آخره الألف كقوله أكرمته إكراماً وأما التكذيب فزعم سيبويه أن التاء عوض من التضعيف والياء التي قبل الآخر كالألف فأما الكذاب فمصدر كذب قال الأعشى:
فَـصَــدَقْتُــهُ وكذبــتـه   وَالْـمَــرْءُ يَــنْــفَــعُــهُ كِــذابُـــه
فهو مثل كتاب في مصدر كتب وأما الكذاب بضم الكاف فقد قال أبو حاتم لا وجه له إلا أن يكون كذاب جمع كاذب فينصبه على الحال أي وكذبوا بآياتنا في حال كذبهم قال طرفة:
إذا جــاءَ ما لا بُــدَّ مِنْــهُ فَمَرْحَبــاً   بِِهِ حِينَ يَأتِي لا كِذابٌ وَلا عِلَلُ
اللغة: الميقات منتهى المقدار المضروب لحدوث أمر من الأمور وهو من الوقت كما أن الميعاد من الوعد والمقدار من القدر والمرصاد هو المعد لأمر على ارتقاب الوقوع فيه قال الأزهري المرصاد المكان الذي يرصد فيه العدو والأحقاب جمع واحدها حقب من قوله { أو أمضى حقباً } أي دهراً طويلاً. وقيل: واحده حقب بفتح القاف وواحد الحقب حقبة قال:
وَكُنَّــا كَنَدْمانَــيْ جَذِيمَـــةَ حِقْبَـــةً   مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعا
الإِعراب: { يوم ينفخ } منصوب لأنه بدل من يوم الفصل وأفواجاً نصب على الحال. { لا يذوقون } فيها برداً جملة يجوز أن يكون حالاً من لابثين والتقدير يلبثون غير ذائقين ويجوز أن يكون صفة لقوله { أحقاباً } والتقدير أحقاباً غير مذوق فيها وجزاء مصدر وضع موضع الحال وكل شيء منصوب بفعل مضمر يفسّره قوله { أحصيناه } وكتاباً منصوب على المصدر لأن كتب في معنى أحصى ويجوز أن يكون في موضع الحال أي نكتبه والتقدير أحصيناه كاتبين. المعنى: ثم ذكر سبحانه الإِعادة والبعث تنبيهاً على أنه دلَّ بذكر الآيات فيما تقدَّم على صحة البعث فقال { إن يوم الفصل } أي يوم القضاء الذي يفصل الله فيه الحكم بين الخلائق { كان ميقاتاً } لما وعد الله من الجزاء والحساب والثواب والعقاب { يوم ينفخ في الصور } قد مرَّ معناه { فتأتون أفواجاً } أي جماعة جماعة إلى أن تتكاملوا في القيامة.

السابقالتالي
2 3