الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ } * { وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيـۤئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { وَإذَا قِيلَ لَهُمُ ٱرْكَعُواْ لاَ يَرْكَعُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ }

المعنى: ثم ذكر سبحانه المؤمنين فقال { إن المتقين } الذين اتقوا الشرك والفواحش { في ظلال } من أشجار الجنة { وعيون } جارية بين أيديهم في غير أخدود لأن ذلك أمتع لهم بما يرونه من حسن مياهها وصفائها. وقيل: عيون أي ينابيع بما يجري خلال الأشجار { وفواكه } جمع فاكهة وهي ثمار الأشجار { مما يشتهون } أي من جنس ما يشتهونه والشهوة معنى في القلب إذا صادف المشتهى كان لذة وضدّها النفار. ثم يقال لهم { كلوا واشربوا } صورته صورة الأمر والمراد الإباحة. وقيل: إنه أمر على الحقيقة وهو سبحانه يريد منهم الأكل والشرب في الجنة فإنهم إذا أعملوا ذلك ازداد سرورهم فلا يكون إرادته لذلك عبثاً { هنيئاً بما كنتم تعملون } في دار الدنيا أي خالصاً من التكدير والهنيء النفع الخالص من شائب الأذى. وقيل: هو الأذى الذي لا أذى يتبعه. { إنا كذلك نجزي المحسنين } هذا ابتداء الإخبار من الله تعالى ويقال لهم ذلك أيضاً { ويل يومئذٍ للمكذبين } بهذا الوعد. ثم عاد الكلام إلى ذكر المكذبين فقال سبحانه { كلوا } أي يقال لهم كلوا { وتمتعوا } في الدنيا { قليلاً } أي تمتعاً قليلاً أو زماناً قليلاً فإن الموت كائن لا محالة { إنكم مجرمون } أي مشركون مستحقون للعقاب { ويل يومئذٍ للمكذبين } بهذا الوعيد. { وإذا قيل لهم اركعوا } أي صلّوا { لا يركعون } أي لا يصلون. قال مقاتل: نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله بالصلاة فقالوا: لا ننحني والرواية لا نحني فإن ذلك سبَّة علينا فقال صلى الله عليه وسلم: " لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود " وقيل: إن المراد بذلك يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون عن ابن عباس { ويل يومئذٍ للمكذبين } بوجوب الصلاة والعبادات { فبأي حديث بعده يؤمنون } أي فبأي كتاب بعد القرآن يصدقون ولم يصدقوا به مع إعجازه وحسن نظمه فإن من لم يؤمن به مع ما فيه من الحجة الظاهرة والآية الباهرة لا يؤمن بغيره.