الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } * { لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } * { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } * { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } * { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } * { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

القراءة: قرأ رويس عن يعقوب انطلقوا الثانية بفتح اللام والباقون من القراء على كسر اللام فيهما وقرأ أهل الكوفة غير أبي بكر جمالة بغير ألف ويعقوب جمالات صفر بالألف وضم الجيم وروي ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير وغيرهما وقرأ الباقون جمالات بالألف وكسر الجيم وفي الشواذ قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير بخلاف كالقصر بفتح القاف والصاد. الحجة: من قرأ انطلقوا الثانية بالفتح فإنه حمل الأول على الأمر والثاني على الخبر وجمالات جمع جمال وجمع بالألف والتاء على تصحيح البناء كما جمع على تكسيره في قولهم جمائل قال ذو الرمة:
وَقَّرَّبْــنَ بِالزُّرْقِ الجَمائِــلَ بَعْدَما   تَقَوَّبَ عَنْ غِرْبانِ أَوْراكِهَا الخَطْرُ
وأما جمالة فإن التاء لحقت جمالاً لتأنيث الجمع كما لحقت في فحل وفحالة وذكر وذكارة ومن قرأ جمالات بالضم فهي جمع جمالة وهو القَلْس من قلوس سفن البحر ويقال من قلوس الجسر قال الزجاج ويجوز أن يكون جمع جمل جمال وجمالات كما قيل رُخال جمع رخل ومن قرأ كالقَصَر بفتح الصاد فهو جمع قصرة أي كأنها أعناق الإبل. وقيل: القَصَر أصول الشجر واحدتها قصرة وكذا قرأها مجاهد قال: وهي خرم الشجر قال: الحسن قصرة وقصر مثل جمرة وجَمَر وهي أصول الشجر قال والعامة يجعلونها على القصور قال ابن جني وحدثنا أبو علي أن القصر هنا بمعنى القصور وقال هي بيوت من أدم كان يضربون بها إذا نزلوا على الماء. المعنى: ثم بيَّن سبحانه ما يقال لهم جزاء على تكذيبهم فقال { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } أي تقول لهم الخزنة اذهبوا وسيروا إلى النار التي كنتم تجحدونها وتكذبون بها ولا تعترفون بصحتها في الدنيا والانطلاق الانتقال من مكان إلى مكان من غير مكث. ثم ذكر الموضع الذي أمرهم بالانطلاق إليه فقال { انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب } أي نار لها ثلاث شعب سمّاها ظلاً لسواد نار جهنم. وقيل: هو دخان جهنم له ثلاث شعب تحيط بالكافر شعبة تكون فوقه وشعبة عن يمينه وشعبة عن شماله وسمي الدخان ظلاً كما قال أحاط بهم سرادقها أي من الدخان الآخر بالأنفاث عن مجاهد وقتادة. وقيل: يخرج من النار لسان فيحيط بالكافر كالسرادق فيتشعب ثلاث شعب فيكون فيها حتى يفرغ من الحساب. ثم وصف سبحانه ذلك الظل فقال { لا ظليل } أي غير مانع من الأذى بستره عنه ومثله الكنين فالظليل من الظلة وهي السترة والكنين من الكن فظل هذا الدخان لا يغني الكفار شيئاً من حر النار وهو قوله { ولا يغني من اللهب } واللهب ما يعلو على النار إذا اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر يعني أنهم إذا استظلوا بذلك الظل لم يدفع عنهم حرّ اللهب.

السابقالتالي
2