الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ تَنزِيلاً } * { فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِماً أَوْ كَفُوراً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَٱسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً } * { إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ يُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً } * { نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً } * { يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وما يشاؤون بالياء والباقون بالتاء وفي الشواذ قراءة عبد الله بن الزبير وأبان بن عثمان والظالمون بالواو. الحجة: وجه الياء قوله تعالى { فمن شاء اتخذ } ووجه التاء أنه خطاب للكافة أي وما تشاؤون الطاعة والاستقامة إلا أن يشاء الله أو يكون محمولاً على الخطاب وأما قوله { والظالمون } فإنه على ارتجال جملة مستأنفة قال ابن جني كأنه قال الظالمون أعدَّ لهم عذاباً أليماً ثم إنه عطف الجملة على ما قبلها وقد سبق الرفع إلى مبتدئها غير أن قراءة الجماعة أسبق وهو النصب لأن معناه ويعذب الظالمين فلما أضمر هذا الفعل فسَّره بقوله { أعدَّ لهم عذاباً أليماً } وهذا أكثر من أن يؤتى له بشاهد قال الزجاج يقول النحويون أعطيت زيداً وعمراً أعددت له براً فيختارون النصب على معنى وبررت عمراً أعددت له براً وأنشد غيره:
أصْبَحْــتُ لا أحْمـِلُ السِّلاحَ وَلا   أمْــلِكُ رَأْسَ البَعِيــرِ إنْ نَفَـــرا
وَالذِّئْـبُ أخْشــاهُ إنْ مَــرَرْتُ بِـهِ   وَحْدِي وَأخْشَى الرِّياحَ وَالمَطَرَا
اللغة: الأسر أصله الشد ومنه قتب مأسور أي مشدود ومنه الأسير لأنهم كانوا يشدونه بالقدر قولهم خذ بأسره أي بشده قبل أن يحل ثم ذكر حتى صار بمعنى خذ جميعه قال الأخطل:
مِنْ كُلِّ مُجْتَنَبٍ شَدِيدٌ أسْرُهُ   سَلِــسُ القِيادُ تَخالُـهُ مُخْتالا
الإعراب: قال الزجاج في قوله { ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً } أو هنا أوكد من الواو لأنك إذا قلت لا تطع زيداً وعمراً فأطاع أحدهما كان غير عاص لأنك أمرته أن لا يطيع الاثنين وإذا قلت لا تطع منهم آثماً أو كفوراً فأو قد دلت على أن كل واحد منهما أهل أن يعصى وأنهما أهل أن يعصيا كما أنك إذا قلت جالس الحسن أو ابن سيرين فقد قلت كل واحد منهما أهل أن يجالس قال البصير النحوي أو هذه التي للتخيير إذا قلت اضرب زيداً أو عمراً فمعناه اضرب أحدهما فإذا قلت لا تضرب زيداً أو عمراً فمعناه لا تضرب أحدهما فيحرم عليه ضربهما لأن أحدهما في النفي يعمّم وابن كيسان يحمل النهي عن الأمر فيقول إذا قال لا تضرب أحدهما لم يحرم عليه ضربهما وإنما حرم في الآية طاعتهما لأن أحدهما بمنزلة الآخر في امتناع الطاعة له ألا ترى أن الآثم مثل الكفور في هذا المعنى قال سيبويه ولو قال لا تطع آثماً ولا تطع كفوراً لانقلب المعنى إذ ذاك لأنه حينئذٍ لا تحرم طاعتهما كليهما. المعنى: ثم أخبر سبحانه عن نفسه فقال { إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً } فيه شرف وتعظيم لك. وقيل: معناه فصلناه في الإنزال آية بعد آية ولم ننزله جملة واحدة عن ابن عباس { فاصبر } يا محمد على ما أمرتك به من تحمل أعباء الرسالة { لحكم ربك } أن تبلغ الكتاب وتعمل به.

السابقالتالي
2 3