الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } * { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } * { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } * { كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ ٱلْعَاجِلَةَ } * { وَتَذَرُونَ ٱلآخِرَةَ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ } * { إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } * { تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ }

القراءة: قرأ أهل المدينة والكوفة تحبّون وتذرون بالتاء والباقون بالياء. الحجة: من قرأ بالتاء فعلى معنى قل لهم بل تحبّون وتذرون ومن قرأ بالياء فعلى معنى هم يحبون ويذرون قال أبو علي الياء على ما تقدَّم من ذكر الإنسان فإن المراد به الكثرة والعموم كقولهإن الإنسان خلق هلوعاً } [المعارج: 19] ثم قال { إلا المصلين }. اللغة: التحريك تصيير الشيء من مكان إلى مكان أو من جهة إلى جهة بفعل الحركة فيه والحركة ما به يتحرك المتحرك والمتحرك هو المنتقل من جهة إلى غيرها واللسان آلة الكلام والعجلة طلب عمل الشيء قبل وقته الذي ينبغي أن يعمل فيه ونقيضه الإبطاء والسرعة عمل الشيء في أول الوقت الذي هو له وضدّه الأناة والقرآن أصله الضم والجمع وهو مصدر كالرجحان والنقصان والبيان إظهار المعنى للنفس بما يتميَّز به عن غيره ونقيض البيان الإخفاء والإِغماض والنضرة مثل البهجة والطلاقة وضدّه العبوس والبسور نضر وجهه ينضر نضارة ونضرة فهو ناضر والنظر تقليب الحدقة الصحيحة نحو المرئي طلباً لرؤيته ويكون النظر بمعنى الانتظار كما قال عزَّ شأنهوإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة } [النمل: 35] أي منتظرة وقال الشاعر:
وُجُــوهٌ يَوْمَ بَدْرٍ ناظِراتٌ   إلَى الرَّحْمنِ تَنْتَظِرُ الْفَلاحا
ثم يستعمل في الفكر فيقال نظرت في هذه المسألة أي تفكرت ومنه المناظرة وتكون من المقابلة يقال دور بني فلان تتناظر أي تتقابل والفاقرة الكاسرة لفقار الظهر شدة. وقيل: الفاقرة الداهية والآبدة. المعنى: ثم خاطب سبحانه نبيَّه صلى الله عليه وسلم فقال { لا تحرّك به لسانك لتعجل به } قال ابن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه القرآن عجل بتحريك لسانه لحبّه إياه وحرصه على أخذه وضبطه مخافة أن ينساه فنهاه الله عن ذلك وفي رواية سعيد بن جبير عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يعاجل من التنزيل شدة وكان يشتد عليه حفظه فكان يحرّك لسانه وشفتيه قبل فراغ جبريل من قراءة الوحي فقال سبحانه { لا تحرّك به } أي بالوحي أو بالقرآن لسانك يعني بالقراءة لتعجل به أي لتأخذه كما قالولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه } [طه: 114]. { إن علينا جمعه } في صدرك حتى تحفظه { وقرآنه } أي وتأليفه على ما نزل عليك عن قتادة. وقيل: معناه إن علينا جمعه وقرآنه عليك حتى تحفظه ويمكنك تلاوته فلا تخف فوت شيء منه عن ابن عباس والضحاك. { فإذا قرأناه } أي قرأه جبريل عليك بأمرنا { فاتّبع قرآنه } أي قراءته عن ابن عباس والمعنى أقرأه إذا فرغ جبريل عن قراءته قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا إذا نزل عليه جبريل ع أطرق فإذا ذهب قرأ.

السابقالتالي
2 3 4