الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } * { قُمْ فَأَنذِرْ } * { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ } * { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } * { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } * { وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ } * { وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ } * { فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ } * { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ } * { عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ }

القراءة: قرأ أبو جعفر وحفص ويعقوب وسهل والرجز بالضم والباقون بكسر الراء وقرأ الحسن تستكثر بالجزم وقرأ الأعمش تستكثر بالنصب والقراءة بالرفع. الحجة: الرجز بالضم قراءة الحسن وهو اسم صنم فيما زعموا وقال قتادة: هما صنمان أساف ونائلة ومن كسر فهو العذاب والمعنى ذات العذاب فاهجر لأن عبادتها تؤدّي إلى العذاب ويجوز أن يكون الرُجز والرِجز لغتين كالذُكر والذِكر. وقال ابن جني: الجزم في تستكثر يحتمل أمرين. أحدهما: أن يكون بدلاً من تمنن فكأنه قال: لا تستكثر فإن قيل فعبرة البدل أن يصلح إقامة الثاني مقام الأول وأنت لو قلت لا تستكثر لا يدلّك النهي على المن للاستكثار وإنما المعنى لا تمنن مَنَّ مستكثر. قيل: قد يكون البدل على حذف الأول وقد يكون على نية ثباته وذلك كقولك زيد مررت به أبي محمد فتبدل أبا محمد من الهاء ولو قلت زيد مررت مررت بأبي محمد كان قبيحاً فقوله { ولا تمنن تستكثر } من هذا القبيل وأنكر أبو حاتم الجزم على البدل. والآخر: أن يكون أراد تستكثر فأسكن الراء لثقل الضمة مع كثرة الحركات كما حكى أبو زيد من قولهم بلى ورسلنا بإسكان اللام وأما تستكثر بالنصب فبان مضمرة وذلك أن يكون بدلاً من قوله { ولا تمنن } في المعنى ألا ترى أن معناه لا يكن منك منّ فاستكثار فكأنه قال لا يكن منك من أن تستكثر فتضمر أَنْ لتكون مع الفعل المنصوب بها بدلاً عن المنّ في المعنى الذي دلَّ عليه الفعل ومما وقع فيه الفعل موقع المصدر قوله:
فَقَالُوا ما تَشاءُ فَقُلْتُ أَلْهُوا   إِلــى الأَصْباحِ آثِرَ ذي أَثِيرِ
أراد فقلت اللهو فوضع ألهو موضع اللهو. اللغة: المدثر المتفعل من الدثار إلى أن الثاء أدغمت في الدال وهو المتغطي بالثياب عند النوم والتكبير وصف الأكبر على اعتقاد معناه كتكبير المكبر في الصلاة بقوله الله أكبر والتكبير نقيض التصغير والكبير الشأن هو المختص باتساع للمقدور والمعلوم والطهارة النظافة بانتفاء النجاسة لأن النظافة قد تكون بانتفاء الوسخ من غير نجاسة وقد تكون بانتفاء النجاسة فالطهارة في الآية هو القسم الأخير والمن ذكر النعمة بما يكدرها ويقطع حق الشكر بها يقال: منَّ بعطائه يمنُّ منّاً إذا فعل ذلك فأما المن على الأسير فهو إطلاقه بقطع أسباب الاعتقال عنه والاستكثار طلب الكثرة وهو هنا طلب ذكر الاستكثار للعطية والناقور فاعول من النقر كهاضوم من الهضم وحاطوم من الحطم وهو الذي من شأنه أن ينقر فيه للتصويت به واليسير والقليل الكلفة ومنه اليسار وهو كثرة المال لقلة الكلفة به في الإنفاق ومنه تيسير الأمور لسهولته. الإعراب: { وربك فكبِّر } تقديره قم فكبّر ربك وكذلك ما بعده وفائدة تقديم المفعول عنها التخصيص لأنك إذا قلت وكبّر ربك لم يدل ذلك على أنه لا يجوز تكبير غير الرب إذا قلت ربك فكبر دلَّ على أنه لا يجوز تكبير غيره وتستكثر في موضع نصب على الحال فذلك مبتدأ ويوم عسير خبره ويومئذٍ يجوز أن يكون رفعاً ويجوز أن يكون نصباً فإذا كان رفعاً فإنما يبنى على الفتح لإضافته إلى إذ لأن إذ غير متمكنة وإذا كان نصباً فعلى الظرف وتقديره فذلك يوم عسير في يوم ينفخ في الصور.

السابقالتالي
2 3 4