الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي ٱلأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَأَقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

القراءة: قرأ ابن كثير وأهل الكوفة نصفه وثلثه بالنصب والباقون بالجر. الحجة: قال أبو علي: من نصب حمله على أدنى وأدنى في موضع نصب قال أبو عبيدة أدنى أقرب فكأنه قال إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل وتقوم نصفه وثلثه ومن جرَّ فإنه يحمله على الجار. قال أبو الحسن: وليس المعنى عليه فيما بلغنا لأن المعنى يكون على أدنى من نصفه وأدنى من ثلثه قال وكان الذي افترض الثلث وأكثر من الثلث قال: فأما الذين قرؤوا بالجر فعلى أن يكون المعنى إنكم إن لم تؤدوا ما فرض الله عليكم فقوموا أدنى من ثلثي الليل ومن نصفه ومن ثلثه. المعنى: ثم خاطب سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم فقال { إن ربك } يا محمد { يعلم أنك تقوم أدنى } أي أقرب وأقل { من ثلثي الليل ونصفه وثلثه } أي أقلّ من نصفه وثلثه والهاء تعود إلى الليل أي نصف الليل وثلث الليل والمعنى أنك تقوم في بعض الليالي قريباً من الثلثين وفي بعضها قريباً من نصف الليل وقريباً من ثلثه. وقيل: إن الهاء تعود إلى الثلثين أي وأقرب من نصف الثلثين ومن ثلث الثلثين وإذا نصبت فالمعنى تقوم نصفه وثلثه. { و } تقوم { طائفة من الذين معك } على الإيمان وروى الحاكم أبو القاسم إبراهيم الحسكاني بإسناده عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله { وطائفة من الذين معك } قال أبو عليٌّ وأبو ذر. { والله يقدّر الليل والنهار } أي يقدّر أوقاتهما لتعملوا فيها على ما يأمركم به. وقيل: معناه لا يفوته علم ما تفعلون عن عطاء والمراد أنه يعلم مقادير الليل والنهار فيعلم القدر الذي تقومونه من الليل { علم أن لن تحصوه } قال مقاتل: كان الرجل يصلي الليل مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام فقال سبحانه { علم أن لن تحصوه } أي لا تطيقون معرفة ذلك وقال الحسن: قاموا حتى انتفخت أقدامهم فقال سبحانه إنكم لا تطيقون إحصاءه على الحقيقة. وقيل: معناه لن تطيقوا المداومة على قيام الليل ويقع منكم التقصير فيه. { فتاب عليكم } بأن جعله تطوعاً ولم يجعله فرضاً عن الجبائي. وقيل: معناه فلم يلزمكم إثماً كما لا يلزم التائب أي رفع التبعة فيه كرفع التبعة عن التائب. وقيل: فتاب عليكم أي فخفّف عليكم. { فاقرأوا ما تيسر من القرآن } الآن يعني في صلاة الليل عن أكثر المفسرين وأجمعوا أيضاً على أن المراد بالقيام المتقدم في قوله { قم الليل } هو القيام إلى الصلاة إلا أبا مسلم فإنه قال أراد القيام لقراءة القرآن لا غير. وقيل: معناه فصلّوا ما تيسّر من الصلاة وعبَّر عن الصلاة بالقرآن لأنها تتضمَّنه ومن قال إن المراد به قراءة القرآن في غير الصلاة فهو محمول على الاستحباب عند الأكثرين دون الوجوب لأنه لو وجبت القراءة لوجب الحفظ وقال بعضهم هو محمول على الوجوب لأن القارىء يقف على إعجاز القرآن وما فيه من دلائل التوحيد وإرسال الرسل ولا يلزم حفظ القرآن لأنه من القرب المستحبة المرغب فيها.

السابقالتالي
2