الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً } * { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } * { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } * { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } * { قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً } * { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } * { إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } * { لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً }

القراءة: قرأ يعقوب ليعلم بضم الياء والباقون ليعلم بفتح الياء والمعنيان متقاربان. اللغة: الملتحد الملتجأ بالميل إلى جهة والرصد جمع راصد وهو الحافظ. الإعراب: بلاغاً منصوب لأنه بدل من ملتحد أي لن أجد ملجأ إلا أن أبلغ عن الله ما أرسلني به فهو ملجأي ورسالاته منصوبة بالعطف على محذوف والتقدير إلا بلاغاً من الله وآياته ورسالاته قوله من أضعف ناصراً جملة من مبتدأ وخبر هي تعليق وناصراً نصب على التمييز وكذلك قوله { عدداً } وقوله { أقريب ما توعدون } الاستفهام مع ما في حيزه تعليق إلا من ارتضى يجوز أن يكون من مبتدأ وقوله فإنه يسلك خبره ويجوز أن يكون استثناء منقطعاً وعدداً انتصابه على ضربين أحدهما: على معنى وأحصى كل شيء في حال العدد فلم يخف عليه سقوط ورقة ولا حبة ولا رطب ولا يابس والآخر: أن يكون في موضع المصدر لأن معناه وعدَّ كل شيء عدداً عن الزجاج. المعنى: ثم خاطب سبحانه نبيَّه صلى الله عليه وسلم فقال { قل } يا محمد للمكلفين { إني لا أملك لكم ضرّاً ولا رشداً } أي لا أقدر على دفع الضرر عنكم ولا إيصال الخير إليكم وإنما القادر على ذلك هو الله تعالى ولكنّي رسول ليس عليّ إلا البلاغ والدعاء إلى الدين والهداية إلى الرشاد وهذا اعتراف بالعبودية وإضافة الحول والقوة إليه تعالى. ثم قال { قل } لهم يا محمد { إني لن يجيرني من الله أحد } أي لا يمنعني أحد مما قدره الله عليّ { ولن أجد من دونه } أي من دون الله { ملتحداً } أي ملتجأ إليه أطلب به السلامة { إلا بلاغاً من الله } أي تبليغاً من الله آياته { ورسالاته } فإنه ملجأي ومنجاي وملتحدي ولي فيه الأمن والنجاة عن الحسن والجبائي. وقيل: معناه لا أملك لكم ضراً ولا رشداً فما عليَّ إلا البلاغ عن الله فكأنه قال: لا أملك شيئاً سوى تبليغ وحي الله بتوفيقه وعونه عن قتادة. وقيل: إن قوله { إلا بلاغاً } يحتمل معنيين أحدهما: إلا ما بلغني من الله أي لا يجيرني شيء إلا ما أتاني من الله فلا فرق بين أن يقول بلغني كتابه وأن يقول أتاني كتابه والثاني: إلا تبليغ ما أنزل إليَّ فأما القبول والإيمان فليس إليَّ وإنما ذلك إليكم عن أبي مسلم. وقيل: إنه عطف رسالاته على البلاغ فوجب أن يكون غيره فالأولى أن يكون أراد بالبلاغ ما بلغه من توحيد الله وعدله وما يجوز عليه وما لا يجوز وأراد بالرسالة ما أرسل لأجله من بيان الشرائع. ولما بيَّن سبحانه أنه لا ملجأ من عذابه إلا طاعته عقَّبه بوعيد من قارف معصيته فقال { ومن يعص الله ورسوله } أي خالف أمره في التوحيد وارتكب الكفر والمعاصي { فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً } جزاء على ذلك { حتى إذا رأوا } في الآخرة { ما يوعدون } به من العقاب في الدنيا.

السابقالتالي
2 3