الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَوْاْ كَيْفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً } * { وَجَعَلَ ٱلْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ ٱلشَّمْسَ سِرَاجاً } * { وَٱللَّهُ أَنبَتَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ نَبَاتاً } * { ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ بِسَاطاً } * { لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً } * { قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً } * { وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً } * { وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } * { وَقَدْ أَضَلُّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً } * { مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَاراً } * { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } * { إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } * { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً }

القراءة: قرأ أهل المدينة وُدّاً بالضم والباقون بالفتح وقرأ أبو عمرو مما خطاياهم والباقون مما خطيئاتهم بالتاء والمد والهمزة وقد ذكرنا الاختلاف في ولده في سورة مريم ع. الحجة: قال أبو عبيدة: زعموا أن ودّاً كان صنم لهذا الحي من كلب وحكاه بالفتح قال وسمعت قول الشاعر:
فَحَيّـاكَ وَدٌّ ما هَــداكَ لِفِتْيَــــةٍ   وَخُوصٍ بِأَعْلى ذِي طُوالَةَ هُجَّدِ
وقال أبو الحسن: ضمَّ أهل المدينة الواو وعسى أن يكون لغة في اسم الصنم وسمعت هذا البيت:
حَيّـاكَ وُدّاً فَإنّــا لا يَحِـــلُّ لَنا   لَهْوُ النِّساءِ وَإنَّ الدِّينَ قَدْ عَزَما
الواو مضمومة وخطاياهم جمع التكسير وخطيئات جمع التصحيح وما زائدة كالتي في قوله { فبما رحمة من الله } وقوله { فبما نقضهم ميثاقهم }. اللغة: الفجاج الطرق المتسعة المتفرقة واحدها فج. وقيل: الفج المسلك بين جبلين والسواع هنا صنم وفي غيره الساعة من الليل ومثله السعواء والكبار الكبير جداً يقال: كبير ثم كُبار ثم كُبّار ومثله عجيب وعُجاب وعُجّاب وحسن وحُسان وحُسَّان وروي أن أعرابياً سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ ومكروا مكراً كباراً فقال ما أفصح ربك يا محمد وهذا من جفاء الأعراب لأن الله تعالى سبحانه لا يوصف بالفصاحة ودياراً فيعال من الدوران ونحوه القيام والأصل قيوام وديوار فقلبت الواو ياء وأدغمت إحداهما في الأخرى قال الزجاج يقال ما بالدار ديّار أي ما بها أحد يدور في الأرض قال الشاعر:
وَما نُبالي إذا ما كُنْتِ جارَتَنا   أَنْ لا يُجـاوِرَنا إلاّكِ دَيّــارُ
فجعل المتصل موضع المنفصل ضرورة. الإعراب: طباقاً منصوباً على أحد وجهين أن يكون على تقدير خلقهن طباقاً وأن يكون نعتاً لسبع أي سبع سماوات ذات طباق نباتاً مصدر فعل محذوف تقديره أنبتكم فنبتم نباتاً وقال الزجاج: هو محمول على المعنى لأن معنى أنبتكم جعلكم تنبتون نباتاً وما من قوله { ممّا خطيئاتهم } مزيدة لتأكيد الكلام. المعنى: ثم خاطب سبحانه المكلفين منبّهاً لهم على توحيده فقال { ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً } أي واحدة فوق الأخرى كالقباب { وجعل القمر فيهنّ نوراً } قيل فيه وجوه أحدها: أن المعنى وجعل القمر نوراً في السماوات والأرض عن ابن عباس قال يضيء ظهره لما يليه من السماوات ويضيء وجهه لأهل الأرض وكذلك الشمس وثانيها: أن معنى فيهن معهنَّ يعني وجعل القمر معهن أي مع خلق السماوات نوراً لأهل الأرض وثالثها: أن معنى فيهنّ في حيّزهن وإن كان في واحدة منها كما تقول إن في هذا الدور لبئراً وإن كانت في واحدة منها لأن ما كان في إحداهن كان فيهنّ وكما تقول أتيت بني تميم وإنما أتيت بعضهم. { وجعل الشمس سراجاً } أي مصباحاً يضيء لأهل الأرض لما كانت الشمس جعل فيها النور للاستضاءة به كانت سراجاً فهي سراج العالم كما أن المصباح سراج الإنسان { والله أنبتكم من الأرض نباتاً } يعني مبتدأ خلق آدم وآدم خلق من الأرض والناس ولده وهذا كقوله:

السابقالتالي
2 3 4