الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً } * { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } * { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً }

القراءة: قرأ أهل المدينة وابن عامر سال بغير همز والباقون بالهمز وقرأ الكسائي يعرج بالياء وقرأ الباقون بالتاء وقرأ ابن كثير في رواية البزي وعاصم في رواية البرجمي عن أبي بكر ولا يسأل بضم الياء والباقون لا يسأل بفتح الياء. الحجة: قال أبو علي من قرأ سال جعل الألف منقلبة عن الواو التي هي عين مثل قال وخاف وحكى أبو عثمان عن أبي زيد أنه سمع من يقول هما يتساولان فمن قال سال كان على هذه اللغة ومن قرأ سأل فجعل الهمزة عين الفعل فإن حقَّق قال سأل وإن خفَّف جعلها بين الألف والهمزة وأما قول الشاعر:
سَأَلَــتْ هُذَيْــلٌ رَسُولَ اللهِ فاحِشَةً   ضَلَّتْ هُذَيْلٌ بِما قالَتْ وَلَمْ تُصِبِ
ويمكن فيه الوجهان وكل القراء على همز سائل لأنه لا يخلو إما أن يكون من يتساولان أو من اللغة الأخرى فإن كان من الأول لم يكن فيه إلا الهمز كما يكون في قائل وخائف لأن العين إذا أعتلت بالفعل اعتلت في اسم الفاعل واعتلالها لا يكون بالحذف للالتباس فقلب إلى الهمزة وإن كانت في لغة من همز فليس فيه إلا الهمز كما يكون في ثائر إلا أنك إن شئت خففت الهمزة فجعلتها بين بين وكذلك في الوجه الآخر وأما يعرج وتعرج فالياء والتاء فيه حسنتان ومن ضمَّ قوله { ولا يسئل حميم حميماً } فالمعنى والله أعلم لا يسئل حميم عن حميمه ليعرف شأنه من جهته كما يتعرف الخبر الصديق من جهة صديقه والقريب عن قريبه فإذا كان كذلك فالكلام إذا بنيت الفعل للفاعل قلت سألت زيداً عن حميمه وإذا بنيت الفعل للمفعول به قلت سئل زيد عن حميمه وقد يحذف الجار فيصل الفعل إلى الاسم الذي كان مجروراً قبل حذف الجار فينتصب بأنه مفعول الاسم الذي أسند إليه الفعل المبني للمفعول به فعلى هذا انتصب قوله حميماً. ويدلُّ على هذا المعنى قوله { يبصرونهم } أي يبصر الحميم الحميم تقول بصرت به فإذا ضعفت عين الفعل صار الفاعل مفعولاً فتقول بصرني زيد بكذا فإذا حذفت الجار قلت بصرني زيد كذا فإذا بنيت الفعل للمفعول به وقد حذفت الجار قلت بصرت زيداً فعلى هذا قوله { يبصرونهم } فإذا بصروهم لم يحتج إلى تعرف شأن الحميم من حميمه وإنما جمع فقيل يبصرونهم لأن الحميم وإن كان مفرداً في اللفظ فالمراد به الكثرة والجمع يدلك على ذلك قولهفما لنا من شافعين ولا صديق حميم } [الشعراء: 101] ومن قرأ { ولا يسأل حميم حميماً } فالمعنى لا يسأل الحميم عن حميمه في ذلك اليوم لأنه يذهب عن ذلك ويشغل عنه بشأنه كما قال { يوم يفرّ المرء من أخيه } إلى قوله

السابقالتالي
2 3 4