الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } * { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

القراءة: أوَأمِن بفتح الواو عراقي وابن فليح والباقون أوْأمِن بسكون الواو إلاّ أن ورشا قرأَه على أصله في إلقاء حركة الهمزة على الساكن قبلها فقال أوَمِنَ. الحجة: قال أبو علي: أو حرف استعمل على ضربين. أحدهما: أن يكون بمعنى أحد الشيئين أو الأشياء في الخبر والاستفهام. والآخر: أن يكون للإضراب عما قبلها في الخبر والاستفهام كما أن أم المنقطعة في الاستفهام والخبر كذلك فأما التي تكون لأحد الشيئين أو الأشياء فمثاله في الخبر زيد أو عمرو ضربته وجاء زيد أو عمرو كما تقول أحدهما جاء واحدهما ضربته وهي إذا كانت للإباحة كذلك أيضاً وهو قولـه جالس الحسن أو ابن سيرين وأَمّا أو التي تجيء للإضراب بعد الخبر والاستفهام فكقولك أنا أخرج ثم تقول أو أقيم أَضَرَبْتَ عن الخروج وأثبتَ الإقامة كأنك قلت لا بل أقيم كما أنك في قولك إنها لإبل أم شاء مُضْرِبٌ عن الأول ولا يقع بعد أو هذه إلا جملة. ومِنْ ثَمَ قال سيبويه في قولـه { ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً } إنك لو قلت أو لا تطع كفوراً انقلب المعنى وإنما كان ينقلب المعنى لأنه إذا قال لا تطع منهم آثماً أو كفوراً فكأنه قال لا تطع هذا الضرب ولا تطع هؤلاء فإنما لزمه أن لا يطيع واحداً منهما لأن كل واحد منهما في معنى الآخر في وجوب ترك الطاعة له كما جاز له أن يجمع بين مجالسة الحسن وابن سيرين لأنّ كل واحد منهما أهل للمجالسة ومجالسة كل واحد منهما كمجالسة الآخر ولو قال ولا تطع منهم آثماً أو لا تطع كفوراً كان بقولـه أو لا تطع قد أَضْرَبَ عن ترك طاعة الأول وكان يجوز أن يطيعه وفي جواز ذلك انقلاب المعنى. ووجه قراءة مَنْ قرأ أَوْأمن أنه جعل أو للإضراب لا على أنه أبطل الأول ولكن كقولـهآلم تنزيل الكتاب } [السجدة: 1، 2] ثم قالأم يقولون افتراه } [السجدة: 3] فجاء هذا ليبصروا ضلالتهم فكان المعنى أو أمنوا هذه الضروب من معاقبتهم والأخذ لهم وإن شئت جعلته أو التي في قولك ضربت زيداً أو عمراً كأنك أردت أَفأمنوا إحدى هذه العقوبات. ووجه قراءة مَنْ قرأ أَوَأمن أنه أدخل همزة الاستفهام على حرف العطف كما دخل في نحو قولـه أَثُمَّ إذا ما وقع وقولـه أَو كلما عاهدوا عهداً ومِن حجة مَن قرأ ذلك أنه أشبه بما قبله وما بعده ألا ترى أن قبله أفأمن أهل القرى وبعده أفأمنوا مكر الله أو لم يهد للذين يرثون الأرض فكما أن هذه الأشياء عطف حرف دخل عليها حرف الاستفهام كذلك يكون أوأمن. المعنى: البركات الخيرات النامية وأصله الثبوت والأمن والثقة والطمأنينة نظاير في اللغة وضد أيمن الخوف وضد الثقة الريبة وضد الطمأنينة الانزعاج أولاً من الثقة بالسلامة من الخوف والبأس العذاب والبؤس الفقر والأصل الشدة ورجل بئيس شديد في القتال والنوم نقيض اليقظة وهو سهو يغمر القلب ويغشى العين ويضعف الحس وينافي العلم يقال نام الرجل ينام نوماً وهو حَسَن النيمة إذا كان حسن هيئة النوم ورجل نُومة بسكون الواو وإذا كان خسيساً لا يؤبه به ورجل نُومةَ بفتح الواو إذا كان كثير النوم والنّيم الفرو لأَن مِن شأنه أن ينام فيه أو لأنه يغشى كما يغشى النوم والضحى صدر النهار في وقت انبساط الشمس وأصله الظهور من قولـهم ضحا الشمس يضحو ضحواً وضحواً وفعل ذلك الأمر ضاحية إذا فعله ظاهراً والأضحية لأَنها تذبح عند الضحى يوم العيد قال الخليل: المكر الاحتيال بإظهار خلاف الإضمار.

السابقالتالي
2 3