الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ }

اللغة: الإِيفاء إتمام الشيء إلى حد الحق فيه ومنه إيفاء العهد وهو إتمامه بالعمل به والكيل تقدير الشيء بالمكيال حتى يظهر مقداره منه والوزن تقديره بالميزان والمساحة تقديره بالذراع أو ما زاد عليه أو نقص والبخس النقص عن الحد الذي يوجبه الحق والإِفساد إخراج الشيء إلى حد لا ينتفع به بدلاً من حال ينتفع بها وضده الإِصلاح والصدّ الصرف عن الفعل بالإِغواء فيه كما يصد الشيطان عن ذكر الله وعن الصلاة يقال صدّه عن الأَمر يصدّه أي منعه العوج بكسر العين في الدين وكل ما لا يرى والعوج بفتح العين في العود وكل ما يرى كالحائط وغيره والطائفة الجماعة من الناس وهو من الطوف مأخوذة من أنها تجتمع على الطواف. الإِعراب: مدين اسم المدينة أو القبيلة لا ينصرف للتعريف والتأنيث وجائز أن يكون أعجمياً عن الزجاج بكل صراط بمعنى على كل صراط ويجوز تعاقب الحروف الثلاثة هنا الباء وعلى وفي تقول لا تقعد بكل صراط وعلى كل صراط وفي كل صراط لأَنه اجتمع معاني الأَحرف الثلاثة فيه فإن الباء للإِلصاق وهو قد لاصق المكان وعلى للاستعلاء وهو قد علا المكان وفي للمحل وقد حلّ المكان ومن آمن في موضع نصب بأنه مفعول به أي وتصدون المؤمنين بالله وإنما قال فاصبروا فجعل الصبر جزاء وهو لازم على كل حال لأَن المعنى فسيقع جزاء كل فريق بما يستحقه من ثواب أو عقاب كأنه قال فأنتم مصبوون على حكم الله بذلك. المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم من القصص قصة شعيب فقال { وإلى مدين } أي وأرسلنا إلى مدين { أخاهم شعيباً }. وقيل: إن مدين ابن إبراهيم الخليل فنسبت القبيلة إليه قال عطاء: هو شعيب بن توبة بن مدين بن إبراهيم وقال قتادة: هو شعيب بن بويب قال ابن إسحاق: هو شعيب بن ميكيل بن يشحب بن مدين بن إبراهيم وأم ميكيل بنت لوط وكان يقال له خطيب الأَنبياء لحسن مراجعته قومه وهم أصحاب الأَيكة وقال قتادة: أرسل شعيب مرتين إلى مدين مرة وإلى أصحاب الأَيكة مرة. { قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم } قد مر تفسيره { فأوفوا الكيل والميزان } أي أتموا ما تكيلونه على الناس بالمكيال وما تزنونه عليهم بالميزان ومعناه أدّوا حقوق الناس على التمام في المعاملات { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } أي لا تنقصوهم حقوقهم وقال قتادة والسدي: البخس الظلم ومنه المثل تحسبها حمقاء وهي باخس. { ولا تفسدوا في الأَرض بعد إصلاحها } يعني لا تعملوا في الأَرض بالمعاصي واستحلال المحارم بعد إن أصلحها الله بالأَمر والنهي وبعثه الأَنبياء وتعريف الخلق مصالحهم.

السابقالتالي
2