الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن ٱلْعَالَمِينَ } * { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } * { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } * { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

القراءة: قرأ أهل المدينة وحفص وسهل هنا أنكم لتأتون وكذلك مذهبهم في الاستفهامين يجتمعان يكتفون بالاستفهام الأَول عن الثاني في كل القرآن وهو مذهب الكسائي إلاّ في قصة لوط والباقون بهمزتين الثانية مكسورة وحققهما أهل الكوفة إلاّ أن حفصاً يفصل بينهما بألف وابن كثير وأبو عمرو ورويس يحققون الأَولى ويليّنون الثانية إلاّ أن أبا عمرو يفصل بينهما بالألف. الحجة: قال أبو علي: كل واحد من الاستفهامين جملة مستقلة لا يحتاج في تمامها إلى شيء فمن ألحق حرف الاستفهام جملة نقلها به من الخبر إلى الاستخبار ومن لم يلحقها بقّاها على الخبر فإذا كان كذلك فمن قرأ أنكم لتأتون الرجال جعله تفسيراً للفاحشة كما أنّ قولـهللذكر مثل حظ الأُنثيين } [النساء: 11] تفسير الوصية. اللغة: قال الزجاج: لوط اسم غير مشتق لأَن العجمي لا يشتق من العربي وإنما قال ذلك لأَنه لم يوجد إلاّ علماً في أسماء الأَنبياء. وقيل: إنه مشتق من لُطت الحوض إذا ألزقت عليه الطين وملسته به ويقال هذا ألوطُ بقلبي من ذاك أي ألصق والليطة القشر للصوقه بما اتصل به والشهوة مطالبة النفس بفعل ما فيه اللذة وليست كالإِرادة لأَنها قد تدعو إلى الفعل من جهة الحكمة والشهوة ضرورية فينا من فعل الله تعالى والإِرادة من فعلنا يقال شهيت أشهى شهوة قال:
وَأَشْعَثَ يَشْهي النَّوْمَ قُلْتُ لَهُ ارْتَحِلْ   إذَا ما النُّجُومُ أعْرَضَتْ وَاسْبَكَرَّتِ
فَقــامَ يَجُــرُّ الْبُــرْدَ لَوْ أَنَّ نَفْـسَهُ   يُقــالُ لَـهُ خُذْهــا بِكَفّيكَ خَرَّت
والإِسراف الخروج عن حد الحق إلى الفساد والغابر الباقي قال الأَعشى:
عَضَّ بِما أَبْقَى الْمَوَاسِي لَهُ   مِنْ أُمِّهِ فِي الزَّمَنِ الْغَابِرِ
الإِعراب: إنما صرف لوطاً لخفته بكونه على ثلاثة أحرف ساكن الأَوسط فقاومت الخفة أحد السببين ويجوز في قولـه جواب قومه الرفع إلاّ أنّ الأَجود النصب وعليه القراءة شهوة مصدر وضع موضع الحال وقولـه إلاّ امرأته استثناء متصل لأَنه يجوز أن تدخل الزوجة في الأَهل على التغليب في الجملة دون التفصيل ولم يقل من الغابرات لأَنه أراد أنها ممن بقيت مع الرجال ومطراً مصدر ذكر للتأكيد كقولـه ضربه ضرباً. المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم فقال { ولوطاً } أي وأرسلنا لوطاً. وقيل: إن تقديره واذكر لوطاً قال الأَخفش: يحتمل المعنيين جميعاً ها هنا ولم يحتمل في قصة عاد وثمود إلاّ أرسلنا لأَن فيها ذكر إلى وهو لوط بن هاران بن تارخ بن أخي إبراهيم الخليل ع. وقيل: إنه كان ابن خالة إبراهيم وكانت سارة امرأة إبراهيم أخت لوط. { إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة } أي السيئة العظيمة القبح يعني إتيان الرجال في أدبارهم { ما سبقكم بها من أحد من العالمين } قيل ما نزا ذكر على ذكر قبل قوم لوط عن عمرو بن دينار قال الحسن: وكانوا يفعلون ذلك بالغرباء.

السابقالتالي
2 3