الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ } * { وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ }

اللغة: السؤال طلب الجواب بأدائه في الكلام كما أنّ الاستخبار طلب الخبر بأدائه في الكلام والقصص ما يتلو بعضه بعضاً ومنه المقصَّ لأن قطعه يتلو بعضه بعضاً ومنه القصة من الشّعر والقصّة من الكتاب ومنه القصاص لأنه يتلو الجناية في الاستحقاق ومنه المقاصة في الحق لأنه يسقط ماله قصاصاً بما عليه والوزن في اللغة هو مقابلة أحد الشيئين بالآخر حتى يظهر مقداره وقد استعمل في غير ذلك تشبيهاً به فمنها وزن الشعر بالعروض ومنها قولـهم فلان يزن كلامه وزناً قال الأخطل:
وَإذا وَضَعْـتَ أباكَ في مِيزانِهمْ   رُجِحُوا وشال أبُوكَ فِي المِيزانِ
والحق وضع الشيء موضعه على وجه تقتضيه الحكمة وقد استعمل مصدراً على هذا المعنى وصفة كما جرى ذلك في العدل قال الله سبحانهذلك بأن الله هو الحق } [لقمان: 30] فجرى على طريق الوصف والثقل عبارة عن الاعتماد اللازم سفلاً ونقيضه الخفة وهي الاعتماد اللازم علواً. الإعراب: الفاء في قولـه فلنسألن عاطفة جملة وإنما دخلت الفاء وهي موجبة للتعقيب مع تراخي ما بين الأول والثاني وذلك يليق بثم لتقريب ما بينهما كما قال سبحانهاقتربت الساعة } [القمر: 1] وقالوما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } [النحل: 77] وقالأو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين } [يس: 77] وإذا ظرف المفاجأة وبينهما بعد " يومئذ " يجوز فيه الإعراب والبناء لأن اضافته إلى مبني إضافة غير محضة تقربه من الأسماء المركبة واضافته إلى الجملة تقربه من الاضافة الحقيقية ونُوّن إذ لأنه قد قطع عن الاضافة إذ من شأن التنوين أن يعاقب الاضافة. المعنى: ولما أنذرهم سبحانه بالعذاب في الدنيا عقَّبه بالانذار بعذاب الآخرة فقال { فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين } أقسم الله سبحانه إنه يسأل المكلفين الذين أرسل إليهم رسله وأقسم أيضاً أنه يسأل المرسلين الذين بعثهم فيسأل هؤلاء عن الإبلاغ ويسأل أولئك عن الامتثال وهو تعالى وإن كان عالماً بما كان منهم فإنما أخرج الكلام مخرج التهديد والزجر ليتأهب العباد بحسن الاستعداد لذلك السؤال. وقيل: إنه يسأل الأمم عن الإجابة ويسأل الرسل ماذا عملت أممهم فيما جاؤوا به. وقيل: إن الأمم يسألون سؤال توبيخ والأنبياء يسألون سؤال شهادة على الحق عن الحسن. وأما فائدة السؤال فأشياء منها أن يعلم الخلائق أنه سبحانه أرسل الرسل وأزاح العلة وأنه لا يظلم أحداً ومنها أن يعلموا أن الكفّار استخفوا العذاب بأفعالهم، ومنها أن يزداد سرور أهل الإيمان بالثناء الجميل عليهم ويزداد غم الكفار بما يظهر من أفعالهم القبيحة، ومنها أن ذلك لطف للمكلفين إذا أخبروا به ومما يسأل على هذا أن يقال كيف يجمع بين قولـه تعالى:

السابقالتالي
2 3