الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }

القراءة: قرأ نافع وحده خالصة بالرفع والباقون بالنصب. الحجة: قال أبو علي: من رفعه جعله خبر المبتدأ الذي هو هي ويكون للذين آمنوا تبييناً للخلوص ولا شيء فيه على هذا ومن قال هذا حلو حامض أمكن أن يكون للذين آمنوا خبراً وخالصة خبر آخر ومن نصب خالصة كان حالاً مما في قولـه للذين آمنوا ألا ترى أن فيه ذكراً يعود إلى المبتدأ الذي هو هي فخالصة حال عن ذلك الذكر والعامل في الحال ما في اللام من معنى الفعل، وحجة من رفع أن المعنى هي تخلص للذين آمنوا يوم القيامة وأن شركهم فيها غيرهم من الكافرين في الدنيا ومن نصب فالمعنى عنده ثابتة للذين آمنوا في حال خلوصها يوم القيامة لهم وانتصاب خالصة على الحال أشبه بقولـه:إن المتقين في جنات وعيون آخذين } [الذاريات: 16] ونحو ذلك مما انتصب الاسم فيه على الحال بعد الابتداء وخبره وما يجري مجراه إذا كان فيه معنى فعل. قال الزجاج من نصب خالصة فهو حال على أن العامل في قولك في الحياة الدنيا في تأويل الحال كأنك تقول هي ثابتة للمؤمنين مستقرة في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة. قال أبو علي: قولـه في الحياة الدنيا يحتمل ثلاثة أضرب. أحدها: أن يكون قل هي في الحياة الدنيا للذين آمنوا خالصة على أن يكون خبر هي: قولـه { للذين آمنوا } ويكون في الحياة الدنيا ظرفاً والعامل فيه الظرف الذي هو قولـه للذين آمنوا والتقدير هي في الحياة الدنيا للمؤمنين مقدار خلوصها يوم القيامة ففي هذا الوجه يجوز تقديرها مقدمة على اللام الجارة لأنه ظرف للذين آمنوا والظروف وإن كان العامل فيها المعاني فإن تقديمها عليها جائز وإن لم يجز ذلك في الأحوال ويحتمل أن يكون قولـه في الحياة الدنيا متصلاً بالصلة التي هي آمنوا وهي العاملة فيه والمعنى هي للذين آمنوا في حياتهم، أي للذين آمنوا ولم يكفروا فيها خالصة فموضع في على هذا نصب بآمنوا ويجوز أن يكون في الحياة الدنيا في موضع حال وصاحب الحال هو هي والعامل في الحال معنى الفعل وهو قولـه للذين آمنوا والمعنى قل هي لهم مستقرة في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ولا يجوز في هذا الوجه ولا في الوجه الذي قبله تقدير تقديم في الحياة على قولـه للذين آمنوا. أما في الوجه الأول فلأن قولـه في الحياة صلة الذين ولا يجوز تقديم الصلة على الموصول، وأما في الوجه الآخر فلأنه في موضع الحال والحال لا يجوز تقديمها إذا كان العامل فيها معنى الفعل، وهذا الوجه الثالث ذكره أبو إسحاق. وأما قراءة من قرأ خالصة بالنصب جعله منصوباً على الحال على أن العامل في قولـه في الحياة الدنيا على تأويل الحال إلى آخر كلامه فينبغي أن تعلم أن من نصب خالصة في قراءة جاز أن يكون في الحياة الدنيا ظرفاً للذين آمنوا والعامل فيه معنى الفعل وجاز أن يكون متعلقاً بآمنوا وظرفاً له وجاز أن يكون في موضع الحال كما ذكر فالوجهان الأولان لا يحتاج معهما إلى تقدير شيء حتى تعلقه بما قبل أما إذا كان ظرفاً للام الجارة فمعنى الفعل يعمل فيه كما تقول لك ثوب كل يوم وإذا كان من الصلة فنفس الفعل الظاهر يعمل فيه فأما إذا جعلته حالاً فإنه ينبغي أن تقدر فعلاً أو اسم فاعل يكون في موضع الحال ويكون في الحياة متعلقاً به ولا يوهمنَّك قول أبي إسحاق الذي ذكرناه أنه يلزم أن يقدر قولـه في الحياة الدنيا في تقدير الحال لا غير إذا جعلت خالصة منصوباً على الحال فإنَّ الوجهين الآخرين كل واحد منهما مع نصب خالصة على الحال سائغ جائز.

السابقالتالي
2 3