الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِي ۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } * { سَآءَ مَثَلاً ٱلْقَوْمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ } * { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

اللغة: النبأ الخبر عن الأمر العظيم ومنه اشتقاق النبوة نبّأه الله أي جعله نبياً وأخلد إلى كذا وخلد إليه سكن إليه وأخلد أكثر وأصله اللزوم على الدوام ورجل مخلد إذا أبطأ عنه الشيب وأخلد إلى الأرض لصق بها قال مالك بن نويرة:
بِأنْباءِ حَــقٍّ مِنْ قَبائِـلِ مالِـــكٍ   وَعَمْرو بْنِ يَرْبُوعٍ أَقامُوا فَأَخْلَدُوا
اللهث أن يدلع الكلب لسانه من العطش واللهاث حرُّ العطش وفي حديث سعيد بن جبير في المرأة اللهثى إنما تفطر في رمضان. وقيل: هو النفس الشديد من شدة الإعياء. الإعراب: نصب مثلاً لأنه تفسير الضمير في ساء التي هي بمعنى بئس فيكون فعلاً ماضياً غير متصرف وتقديره ساء المثل مثلاً وفي الكلام حذف آخر وتقديره ساء المثل مثلاً مثل القوم ثم حذف المثل الأول لدلالة المنصوب عليه وحذف الثاني لقيام المضاف إليه مقامه ولأن المعنى مفهوم. المعنى: ثم أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليهم قصة أخرى من أخبار بني إسرائيل فقال: { واتل } أي واقرأ { عليهم } يا محمد { نبأ الذي آتيناه } أي خبر الذي أعطيناه { آياتنا } أي حججنا وبيّناتنا { فانسلخ منها } أي فخرج من العلم بها بالجهل كالشيء الذي ينسلخ من جلده: { فأتبعه الشيطان } أي تبعه وتبع واتبَّع وأتبع بمعنى. وقيل: معناه لحقه الشيطان وأدركه حتى أضلَّه: { فكان من الغاوين } أي من الهالكين. وقيل: من الخائبين عن الجبائي واختلف في المعنى به فقيل هو بلعام بن باعور عن ابن عباس وابن مسعود وكان رجلاً على دين موسى ع وكان في المدينة التي قصدها موسى وكانوا كفاراً وكان عنده اسم الله الأعظم وكان إذا دعا الله تعالى به أجابه. وقيل: هو بلعم بن باعورا من بني هاب بن لوط عن أبي حمزة الثمالي ومسروق قال أبو حمزة: وبلغنا أيضاً والله أعلم أنه أمية ابن أبي الصلت الثقفي الشاعر وروي ذلك عن عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وأبي روق وكانت قصته أنه قرأ الكتب وعلم أن الله سبحانه مُرسِل رسولاً في ذلك الوقت ورجا أن يكون هو ذلك الرسول فلما أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم حسده ومرَّ على قتلى بدر فسأل عنهم فقيل قتلهم محمد فقال: لو كان نبيَّاً ما قتل أقرباءه واستنشد رسول الله أخته شعره بعد موته فانشدته:
لَكَ الحَمْدُ والنَّعْماءُ وَالْفَضْلُ رَبَّنا   وَلا شَـيْءَ أَعْلَـى مِنْـكَ جَدّاً وأَمْجَدُ
مَلِيـكٌ عَلــىَّ عَرْشِ السَّمـاءِ مُهَيْمِنٌ   لِعِــزَّتِهِ تَعْنُـــو الْوُجُــوهُ وَتَسْجُـــدُ
وهي قصيدة طويلة حتى أتت على آخرها ثم أنشدته قصيدته التي فيها:
وَقَفَ النَّاسُ لِلْحِسابِ جَميعاً   فَشَقِـــيُّ مُعَذَّبٌ وَسَعــيدُ
والتي فيها:
عِنْدَ ذي الْعَرْشِ تُعْرَضُونَ عَلَيهِ   يَعْـــلَمُ الْجَهْــرَ وَالسِرارَ الخَفِيَّا
يَوْمَ يِأْتِي الرَّحْمَنُ وَهْوَ رَحيــمٌ   إنَّـــهُ كــــــانَ وَعْـــدُهُ مَأتِيّـــــا
رَبِّ إنْ تَعْفُ فَالمُعــافاةُ ظَنّـي   أوْ تُعَــاقِبْ فَلَــمْ تُعــاقِــبْ بَرِيّا

السابقالتالي
2 3