الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } * { وَقَطَّعْنَاهُمُ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ إِذِ ٱسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنبَجَسَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

اللغة: قال الأَزهري: السبط الفرقة لا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنّث وقد جمع فقيل أسباط واشتقاقها من سبط وهو شجر والواحدة سبطة ورجل سبط الشعر وامرأة سبطة وقد سبط شعره سبوطة وهو الذي لا جعودة فيه ورجل سبط الأَصابع طويلها وسبط الكف سمحها ومطر سَبْط وسَبَط متدارك وسباطته سعته والسبط في كلام العرب خاصة الأَولاد. قال الزجاج: قال بعضهم السبط القرن الذي يجيء بعد قرن والصحيح أن الأَسباط في ولد إسحاق بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل فولد كل ولد من أولاد يعقوب سبط وولد كل ولد من أولاد إسماعيل قبيلة وإنما سمُّوا هؤلاء بالقبائل وهؤلاء بالأَسباط ليفصل بين ولد إسماعيل وولد إسحاق ع ومعنى القبيلة الجماعة ويقال للشجرة لها قبائل وكذلك الأَسباط من السبط كأنه جعل إسحاق بمنزلة شجرة وجعل إسماعيل بمنزلة شجرة وكذلك يفعل النسّابون في النسب يجعلون الوالد بمنزلة شجرة وأولاده بمنزلة أغصانها ويقال طوبى لفرع فلان وفلان من شجرة صالحة فهذا معنى الأَسباط والسبط. الإِعراب: اثنتي عشرة أسباطاً يعني اثنتي عشرة فرقة فحذف المميز ولذلك أنَّث وأسباطاً بدل من اثنتي عشرة تقديره وفرقناهم أسباطاً وجعلناهم أسباطاً ويجوز كسر الشين في عشرة وهو قراءة الأَعمش ويحيى بن وثاب وأمماً نعت الأَسباط. المعنى: ثم عاد الكلام إلى قصة بني إسرائيل فقال سبحانه { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق } أي جماعة يدعون إلى الحق ويرشدون إليه { وبه يعدلون } أي وبالحق يحكمون ويعدلون في حكمهم واختلف في هذه الأَمة من هم على أقوال: أحدها: أنهم قوم من وراء الصين وبينهم وبين الصين وادٍ جار من الرمل لم يغيروا ولم يبدلوا عن ابن عباس والسدي والربيع والضحاك وعطاء وهو المروي عن أبي جعفر الباقر ع قالوا وليس لأَحد منهم مال دون صاحبه يمطرون بالليل ويضحون بالنهار ويزرعون لا يصل إليهم منا أحد ولا منهم إلينا وهم على الحق قال ابن جريج: بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا اثنتي عشرة سبطاً تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله أن يفرّق بينهم وبينهم ففتح الله لهم نفقاً من الأَرض فساروا فيه سنة ونصف سنة حتى خرجوا من وراء الصين فهم هناك حنفاء مسلمون يستقبلون قبلتنا. وقيل: إن جبرائيل انطلق بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج إليهم فقرأ عليهم من القرآن عشر سور نزلت بمكة فآمنوا به وصدَّقوه وأمرهم أن يقيموا مكانهم ويتركوا السبت وأمرهم بالصلاة والزكاة ولم يكن نزلت فريضة غيرهما ففعلوا قال ابن عباس: وذلك قولـه وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأَرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً يعني عيسى بن مريم يخرجون معه وروى أصحابنا أنهم يخرجون مع قائم آل محمد وروي أن ذا القرنين رآهم وقال لو أمرت بالمقام لسرَّني أن أقيم بين أظهركم.

السابقالتالي
2