الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

القراءة: قرأ ابن عامر وحده آصارهم على الجمع والباقون أصرهم على التوحيد. الحجة: قال أبو علي الأَصر: مصدر يقع على الكثير مع إفراد لفظه يدلُّ على ذلك قولـه أصرهم فأضيف وهو مفرد إلى الكثرة ولا يجمع وقالربنا ولا تحمل علينا إصراً } [البقرة: 286] وقالينظرون من طرف خفي } [الشورى: 45]ولا يرتد إليهم طرفهم } [إبراهيم: 43] فالوجه الإِفراد كما أفرد في غير هذا الموضع وجمعه ابن عامر كأنه أراد ضروباً من المآثم مختلفة فجمع لاختلافها والمصادر تجمع إذا اختلف ضروبها وإذا كانوا قد جمعوا ما يكون ضرباً واحداً كقولـه:
هـَلْ مِنْ حُلُومٍ لأَقْوامٍ فَيُنْذِرَهُـــم   ما جَرَّبَ النَّاس مِنْ عَضّي وتَضْريسي
فإن يجمع ما يختلف من المآثم أجدر ويقوي ذلك قولـهوليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم } [العنكبوت: 13] والثقل مصدر كالشبع والصغر والكبر. اللغة: قال الزجاج: اختلف أهل اللغة في معنى قولـه عزَّروه وفي قولـهم عزرت فلاناً أعزره وأعزره عزراً فقيل معناه رددته. وقيل: معناه أعنته. وقيل: معناه لمته ويقال عزَّرته بالتشديد نصرته ويقال منعت منه فمعنى عزَّروه منعوا أعداءه من الكفر به. وقيل: نصروه والمعنى قريب لأَن منع الأَعداء منه نصرته ومعنى عزّرت فلاناً إذا ضربته ضرباً دون الحد أنه يمنعه بضربه إياه من معاودته مثل عمله ويجوز أن يكون من عزرته أي رددته معناه فعلت به ما يردُّه عن المعصية. الإِعراب: قال الزجاج: قولـه يأمرهم بالمعروف يجوز أن يكون على تقدير يجدونه مكتوباً عندهم أنه يأمرهم بالمعروف ويجوز أن يكون يأمرهم بالمعروف مستأنفاً قال أبو علي: لا وجه لقولـه يجدونه مكتوباً أنه يأمرهم إن كان يعني أن ذلك مراد لأَنه لا شيء يدلُّ على حذفه ولأَنا لم نعلمهم حذفوا هذا في شيء وتفسيره أن وجدت هنا هو المتعدي إلى مفعولين ومكتوباً مفعول ثان والمعنى يجدون ذكره مكتوباً عندهم في التوراة أو اسمه فالمفعول الأَول قام مقام المضاف إليه وإنما قلنا ذلك لأَن المكتوب هو الاسم أو الذكر والمفعول الثاني في هذا الباب يجب أن يكون الأَول في المعنى. قال فأما قولـه يأمرهم بالمعروف فهو عندي تفسير لما كتب كما أن قولـه لهم مغفرة وأجر عظيم تفسير لوعدهم وكما أن قولـه { خلقه من تراب } تفسير للمثل فإن قلت لم لا تجعله حالاً من المفعول الأَول فلأَن ذلك ممتنع في المعنى ألا ترى أن المعنى إذا كان يجدون ذكره أو اسمه مكتوباً لم يجز أن يكون يأمرهم حالاً منه لأَن الاسم والذكر لا يأمران إنما يأمر المذكور والمسمى ولا يجوز أن يكون مما في مكتوب من الضمير لأَن الضمير هو المفعول الأَول في المعنى. المعنى: ثم وصف سبحانه الذين يتقون بصفة أخرى فقال { الذين يتبعون الرسول النبي } أي يؤمنون به ويعتقدون بنبوته يعني نبينا محمد صلى الله عليه وسلم { الأُمّي } ذكر في معناه أقوال: أحدها: أنه الذي لا يكتب ولا يقرأ وثانيها: أنه منسوب إلى الأُمة والمعنى أنه على جبلة الأُمة قبل استفادة الكتابة.

السابقالتالي
2 3