الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }

القراءة: قرأ ابن عامر وأهل الكوفة عن عاصم ابن أمّ بالكسر ههنا وفي طه وقرأ الباقون ابن أمَّ نصباً في الموضعين وروي في الشواذ عن مجاهد فلا تَشْمَت بفتح التاء والميم، الأَعداء بالنصب وروي عن مجاهد أيضاً فلا يشمت بالياء. الحجة: من قرأ ابن أمَّ بالفتح فلكثرة استعمالهم هذا الاسم قالوا يا بن أمَّ ويا بن عمَّ جعلوهما اسماً واحداً نحو خمسة عشر قال سيبويه: قالوا يا بن أم ويا بن عم فجعلوا ذلك بمنزلة اسم لأَن هذا أكثر في كلامهم من يا بن أبي ويا غلام غلامي ومن العرب من يقول يا بن أمي بإثبات الياء قال الشاعر:
يَا بْنَ أُمّي وَيا شَقيقَ نَفْسي   أَنْـــتَ خَلَّيْتَني لِدَهْرٍ شَديدِ
ولأَمر شديد قال أبو علي: بُني الاسمان على الفتح والفتحة في ابن ليست النصبة التي كانت تكون في الاسم المضاف المنادى لكن بنى على الحركة التي كانت تكون للإِعراب كما أن قولـهم لا رجل كذلك وكما أنّ مكانَك إذا أردت به الأَمر لا تكون الفتحةُ فيه الفتحة التي كانت فيه وهو ظرف ولكنه على حد الفتحة في رويدك فإن قال قائل فلم لا تقول إنها نصبته والمراد يا ابن أُمّا فحذفت الأَلف كما حذفت ياء الإِضافة في غلامي قيل له ليس هذا مثله ألا ترى أن من حذف الياء من يا غلام أثبتها في يا غلام غلامي فلو كانت الأَلف مقدرة في يا بن أم لم يكن تحذف كما لم تحذف في قولـه:
يا بنتَ عَمّا لا تَلُومي وَاهْجَعي   
فالأَلف لا تحذف حيث يحذف الياء ألا ترى أنَّ مَن قال ما كنا نبغُ والليل إذا يسرِ فحذف الياء من الفواصل وما أشبه الفواصل من الكلام التام لم يكن عنده في نحو قولـهوالليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى } [الليل: 2] إلاّ الإِثبات فإن قلت فقد حذف الأَلف في نحو قولـه:
رَهطُ ابن مرحوم ورهط ابن المعلْ   
يريد المعلى وأنشد أبو الحسن:
فَلَسْتُ بِمُدْرِكٍ ما فاتَ مِنّي   بِلَهْـــفَ وَلا بِلَيْــتَ وَلا لَوْ أَنّي
يريد بلهفى فحذف الأَلف فالقول فيه أن ذلك في الشعر ولا يكون في الاختيار وحال السعة ولا ينبغي أن يحمل قولـه يا بن أم على هذا وقياس من أجاز ذلك أن تكون فتحة الابن نصبة والفتحة في أم ليست كالتي في عشر من خمسة عشر ولكن مثل الفتحة التي في الميم من يا بنتَ عَمّا قال الزجاج: ومن قرأ ابن أم بالكسر فإنه أضافه إلى نفسه بعد أن جعله اسماً واحداً. اللغة: الأَسف الغضب الذي فيه تأسف على فوت ما سلف والأَسف الحزن والتلهف أيضاً ويقال خلفه يخلفه بما يحب وبما يكره إذا عمل خلفه ذلك العمل والعجلة التقدم بالشيء قبل وقته والسرعة عمله في أول وقته ولذلك صارت العجلة مذمومة ويقال عجلته أي سبقته وأعجلته استحثثته والشماتة سرور العدوّ بسوء العاقبة يقال شمت به شماتة وأشمته إشماتاً.

السابقالتالي
2 3