الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } * { فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }

اللغة: أصل الرجز الميل عن الحق ومنهوالرجز فاهجر } [المدثر: 5] يعني عبادة الوثن والعذاب رجز لأنه عقوبة على الميل عن الحق والرَجَز رعدة في رجل الناقة لداء يلحقها تعدل به عن حق سيرها والرَجَز ضرب من الشعر أخذ من رجز الناقة لأنه متحرك وساكن ثم متحرك وساكن في كل أجزائه فهو كالرعدة في رجل الناقة يتحرك بها ثم يسكن ثم يستمر على ذلك والنكث نقض العهد الذي يلزم الوفاء به واليم البحر قال ذو الرمة:
دَوِيّةٌ وَدُجى لَيْلٍ كَأَنَّهُما   يَمٌّ تُراطِنُ في حافاتِهِ الرُّومُ
والغفلة حال تعتري النفس تنافي الفطنة واليقظة. الإعراب: إذا ظرف المفاجأة على ما تقدم بيانه وليست مضافة إلى الجملة بل هي بمنزلة هناك وقد يكتفي بالاسم كما تقول خرجت فإذا زيد وفيه وقوع خلاف المتوقع منهم لأنه أتى منهم نقض العهد بدلاً من الوفاء فكأنه فاجأ الرائي عجَبٌ من نكثهم وإذا هذه جواب لما ومثله قولـهوإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون } [الروم: 36] ولا يجوز إن يجاب الشرط بإذ لأن إذ لا يكون إلا للوقت الماضي والجواب إنما يكون بعد الأول ولذلك يصلح فيه الفاء ولا يصلح الواو وحرف الجزاء إنما يقلب الفعل إلى الاستفبال دون الوقت. المعنى: ثم اخبر سبحانه عنهم أيضاً فقال { ولما وقع عليهم الرجز } أي العذاب عن الحسن وقتادة ومجاهد وهو ما نزل بهم من الطوفان وغيره. وقيل: هو الطاعون أصابهم فمات من القبط سبعون ألف انسان وهو العذاب السادس عن سعيد بن جبير ومثله ما روي عن أبي عبد الله ع أنه أصابهم ثلج أحمر ولم يروه قبل ذلك فماتوا فيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله. { قالوا } يعني فرعون وقومه { يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك } أي بما تقدم إليك أن تدعوه به فإنه يجيبك كما أجابك في آياتك. وقيل: بما عهد عندك أنا لو آمنا لرفع عنا العذاب. وقيل: بما عهد عندك من النبوة عن أبي مسلم فعلى هذا يكون الباء باء القسم والمعنى بحق ما آتاك الله من النبوة لمّا دعوت الله ليكشف هذا عنا { لئن كشفت عنا الرجز } أي العذاب { لنؤمنن لك } أي نصدقك في أنك نبي أرسلك الله { ولنرسلن معك بني إسرائيل } أي نطلقهم من الاستخدام وتكليف الأعمال الشاقة. { فلما كشفنا عنهم الرجز } أي رفعنا عنهم العذاب { إلى أجل هم بالغوه } يعني الأجل الذي عرفهم الله فيه. وقيل: هو الأجل المقدر عن الحسن { إذا هم ينكثون } أي ينقضون العهد { فانتقمنا منهم } أي فجزيناهم على سوء صنيعتهم بالعذاب ثم فسرّ ذلك العذاب فقال { فأغرقناهم في اليم } أي البحر { بأنهم كذبوا بآياتنا } أي فعلنا ذلك بهم جزاء بتكذيبهم آياتنا وحججنا وبراهيننا الدالة على صدق موسى وصحة نبوته وجحودهم لها. { وكانوا عنها غافلين } معناه أنه أنزل عليهم العذاب وكانوا غافلين عن نزول ذلك بهم. وقيل: معناه إنا عاقبناهم بتكذيبهم وتعرضهم لأسباب الغفلة وعملهم عمل الغافل عنها فيكون وعيداً لهم على الإعراض عن الآيات.