الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَىٰ بِآيَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَظَلَمُواْ بِهَا فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { حَقِيقٌ عَلَىٰ أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } * { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ }

القراءة: قرأ نافع وحده حقيق عليّ بتشديد الياء والباقون بتخفيف الياء. الحجة: قال أبو علي: حجة نافع في قولـه حقيق عليّ واتصاله بعلى من وجهين أحدهما: أن حقّ الذي هو فعل يعدّى بعلي قال فحق علينا قول ربنا والآخر: أن حقيق بمعنى واجب فكما أن وجب يتعدى بعلي كذلك يتعدى حقيق به ومن قرأ حقيق علي فجاز تعديته بعلي من الوجهين اللذين ذكرنا وقد قالوا هو حقيق بكذا فيجوز على هذا أن يكون علي بمعنى الباء قال أبو الحسن: كما وقعت الباء في قولـه بكل صراط توعدون موقع على كذلك وقعت على هنا موقع الباء. اللغة: البعث الإرسال وهو في الأصل النقل باعتماد يوجب الإسراع في المشي فالبعث بعد الموت نقل إلى حال الحياة والبعث للأنبياء نقل بالإرسال عن حالة إلى حالة النبوة والعصا عود كالقضيب يابس وأصله الامتناع بيبسه يقال عصي بالسيف يعصى إذا امتنع قال جرير:
تَصِفُ السُّيُوفَ وَغَيْرُكُمْ يَعْصي بِها   يَا بْـنَ القُيُـونِ وَذاكَ فِعْلُ الْصَّيْقَلِ
ويقال عصا بالسيف أي أخذه أخذ العصا ويقال لمن استقرَّ بعد تنقل ألقى عصاه قال:
فَأَلْقَتَ عَصاها وَاسْتَقَرَّتْ بِها النَّوَى   كَمــا قَــرَّ عَيْنـــاً بِالإيابِ المُسـافِرُ
وليست المعصية بمشتقة من العصا لأن العصا من بنات الواو والمعصية من بنات الياء قال:
فَجاءَتْ بِنَسْجِ الْعَنْكَبُوتِ كَأَنَّهُ   عَلى عَصَوَيْها سابِرِيُّ مُشَبْرَقُ
وأصل ألقى من اللقاء الذي هو الاتصال فألقى عصاه أي أزال اتصالها عما كان عليه والثعبان الحية الضخمة الطويلة قال الفراء: الثعبان أعظم الحيات وهو الذكر وهو مشتق من ثعبت الماء أثعبه إذا فجرته والمثعب مجتمع انفجار الماء فسمي الثعبان لأنه يجري كعنق الماء عند الانفجار والنزع إزالة الشيء عن مكانه الملابس معه المتمكن فيه كنزع الرداء عن الإنسان والقلع والجذب نظائر. الإعراب: موضع كيف في قولـه كيف كان نصب لأنه خبر كان وتقديره انظر أيُّ شيء كان عاقبة المفسدين وموسى على وزن مفعل والميم زائدة لكثرة زيادتها أولاً كالهمزة حتى صارت أغلب من زيادة الألف أخيراً وأفعى على وزن أفعل لهذه العلة وموسى لا ينصرف لأنه اسم أعجمي معرفة وموسى الحديد عربي وإن سميت به رجلاً لم تصرفه لأنه مؤنث ومعرفة على أكثر من ثلاثة أحرف كما لو سميته بعناق لم تصرفه وفرعون على وزن فعلون مثل برذون فالواو زائدة لأنها جاءت مع سلامة الأصول الثلاثة والنون زائدة للزومها وفرعون لا ينصرف لأنه أعجمي معرفة عرّب في حال تعريفه لأنه نقل من الاسم العلم ولو عرّب في حال تنكره لانصرف كما ينصرف ياقوت في اسم رجل، إلا الحق نصب بأنه مفعول القول على غير الحكاية بل على معنى الترجمة عن المعنى دون حكاية اللفظ.

السابقالتالي
2 3 4 5