الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } * { تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ } * { وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ }

القراءة: قرأ يعقوب برواية زيد أو لم نَهْدِ بالنون وكذلك في طه والسجدة وبه قرأ أبو عبد الرحمن السلمي وقتادة والباقون بالياء. الحجة: منَ قرأ نَهْدِ بالنون فإنه للتعظيم وهذا يُقوّي أنّ المعنى في قولـه أو لم يهد بالياء أو لم يبين الله سبحانه لهم دون أن يكون المعنى أو لم يهد لهم مَشيئتنا أو اصطلامنا لمن أهلكناه. اللغة: القصص اتباع الحديث الحديث يقال فلان يقصّ الأثر أي يتبعه ومنه المِقصّ لأنه يتبع في القطع أثر القطع والنبأ الخبر عن أمر عظيم الشأن ولذلك أخذ منه اسم نبي والوجدان والإلفاء والإدراك والمصادفة نظاير. الإعراب: نطبع ليس بمحمول على أصبناهم لأنه لو حمل عليه لكان ولطبعنا ولكنه على الاستئناف أي ونحن نطبع و { مِنْ عهدٍ } من هنا للتبعيض لأنه إذا لم يوجد بعض العهد لم يوجد الجميع والأولى أن تكون مِن مزيدة للتعميم واستغراق الجنس. وقيل: إن أصلها لابتداء الغاية فدخلت على ابتداء الجنس إلى انتهائه، وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين إنْ هذه هي المخففة من الثقيلة وإذا خففت جاز الغاؤها من العمل وأن يليها الفعل لأنها حينئذٍ قد صارت خارجة من شبه الفعل. المعنى: ثم أنكر سبحانه عليهم تركهم الاعتبار بمن تقدمهم من الأمم فقال: { أو لم يهد } وهو استفهام يراد به التقرير أي أو لم يُبيّن الله بالنون أو لم نُبيّن عن ابن عباس ومجاهد والسدي. وقيل: معناه أو لم يهد ما تلونا من أنباء القرى. وقيل: تقديره أو لم يهد لهم مشيئتنا لأن قولـه أن لو نشاء أصبناهم في موضع رفع بأنه فاعل يهدي { للذين يرثون الأرض من بعد أهلها } معناه الذين خلفوا في الأرض من بعد أهلها الذين أهلكهم الله بتكذيبهم للرسل { أن لو نشاء أصبناها بذنوبهم } يعني أو لم نُبيّن أنا لو شئنا أهلكناهم بعقاب ذنوبهم كما أهلكنا الأمم الماضية قبلهم { ونطبع على قلوبهم } قد ذكرنا معنى الطبع والختم في أوائل سورة البقرة { فهم لا يسمعون } الوعظ ولا يقبلونه. ثم أخبر سبحانه عن أهل القرى التي ذكرها وقَصّ خبرها فقال: { تلك القرى } والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم { نقص عليك من أنبائها } لتتفكر فيها وتخبر قومك بها ليتذكروا ويعتبروا ويحذروا عن الإصرار على مثل حال أولئك المغترين بطول الإمهال في النعم السابغة والمنن المتظاهرة. { ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات } أي الدلالات والحجج وإنما أضاف الرسل إليهم مع أنهم رسل الله لأن المرسل مالك الرسالة وقد ملك العباد الانتفاع بها والاهتداء بما فيها من البيان: { فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل } معناه فما أهلكناهم إلا وقد كان في معلومنا أنهم لا يؤمنون أبداً عن مجاهد قال ويريد بقولـه من قبل من قبل الهلاك وهو بمنزلة قولـه

السابقالتالي
2