الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤمۤصۤ } * { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتَّبِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }

القراءة: قرأ ابن عامر يتذكرون بياء وتاء وقرأ أهل الكوفة غير أبي بكر تذكرون خفيفة الذال وقرأ الباقون تذّكّرون بتشديد الذال والكاف. الحجة: قال أبو علي: من قرأ تذَّكَّرون مشددة أراد تتذكرون فأدغم التاء في الذال وإدغامها فيها حسن لأن التاء مهموسة والذال مجهورة والمجهور أزيد صوتاً وأقوى من المهموس فحسن إدغام الأنقص في الأزيد ولا يسوغ إدغام الأزيد في الأنقص ما في قولـه ما تذكرون موصولة بالفعل وهي معه بمنزلة المصدر والمعنى قليلاً تذكركم ولا ذكر، في الصلة يعود إليها كما لا يكون في صلة أن ذكر ومن قرأ تذكرون فإنه حذف التاء التي أدغمها من شَدّد الذال وذلك حسن لاجتماع ثلاثة أحرف متقاربة ويقوي ذلك قولـهم اسطاع يستطيع فحذفوا أحد الثلاثة المتقاربة ومن قرأ يتذكرون بياء وتاء فوجهه أنه مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم أي قليلاً ما يتذكر هؤلاء. اللغة: قد تقدم ذكر الحروف المُقطّعة في أوائل السور في أول سورة البقرة وذكرنا الأقوال في معانيها وإعرابها فلا معنى لإعادتها وَبيّنا أن حروف الهجاء توصل على نية الوقف فرقاً بينها وبين ما يوصل للمعاني فعلى هذا متى سميت رجلاً بالمص وجبت الحكاية وإن سميته بصاد أو قاف لم يجب ذلك لأن صاد وقاف لهما نظير في الأسماء المفردة مثل باب ونار وليس كذلك المص لأنه بمنزلة الجملة إذ ليس له نظير في المفرد وإنما عَدّ الكوفيون المص آية ولم يعدّوا صاد لأن المص بمنزلة الجملة مع أن آخره على ثلاثة أحرف بمنزلة المردف فلما اجتمع هذان السببان وكل واحد منهما يقتضي عدَّه عدُّوه ولم يعدوا المر لأن آخره لا يشبه المردف ولم يعدوا صاد لأنه بمنزلة اسم مفرد وكذلك قاف ونون. ومَن قال إن هذه الحروف في أوائل السور أسماء للسور فعلى قولـه إنما سميت بها ولم تسم بالأسماء المنقولة لأنها تتضمن معاني أخر مضافة إلى التسمية وهو أنها فاتحة لما هو منها وأنها فاصلة بينها وبين ما قبلها ولأنه يأتي من التأليف بعدها ما هو معجز مع أنه تأليف كتأليفها فهذه المعاني من أسرارها والذكرى مصدر ذَكَّر يُذَكِّر تذكيراً فهي اسم للتذكير وفيه مبالغة ومثله الرجعى. الإعراب: قال الزجاج: أجمع النحويون على أن قولـه كتاب أنزل إليك مرفوع بغير هذه الحروف فالمعنى هذا كتاب أنزل إليك، ومن قال إن كتاب يرتفع بالمص وتقديره المص حروف كتاب يلزمه إضمار شيئين فيكون المعنى المص بعض حروف كتاب أنزل إليك فيكون قد أضمر المضاف وما أضيف إليه وهذا ليس بجائز فإن قال قائل قد يقول أ ب ت ث ثمانية وعشرون حرفاً وإنما ذكرت أربعة فمن أين جاز ذلك قيل قد صار اسم هذه الحروف كلها أ ب ت ث كما أنك تقول الحمد سبع آيات فالحمد اسم لجملة السورة وليس اسم الكتاب آلم ولا اسم القرآن طسم وهذا فرقٌ بيّنٌ.

السابقالتالي
2 3