الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَاقَّةُ } * { مَا ٱلْحَآقَّةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } * { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } * { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } * { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً }

القراءة: قرأ أهل البصرة والكسائي ومَنْ قِبَله بكسر القاف وفتح الباء والباقون ومن قبله بفتح القاف وسكون الباء. الحجة: قال سيبويه قِبَلْ لِما ولي الشيء تقول ذهبت قِبَل السوق ولي قِبَلك حقٌ أي فيما يليك واتسع فيه حتى صار بمنزلة لي عليك حق وحجة من قرأ أنهم زعموا أن في قراءة أبيّ وجاء فرعون ومن معه وهذا يقوّي ومن قِبَله لأن قبل لما ولي الشيء مما لم يتخلف عنه وهو يتبعه ويَحف به وحجة من قال وَمَنْ قَبْله أن معناه ومن قبله من الأمم التي كفرت كما كفر هو. اللغة: قال ابن الأنباري الحاقة الواجبة حق أي وجب يحق حقاً وحقوقاً فهو حاق وقال الفراء تقول العرب لما عرفت الحق مني هربت والحقة والحاقة بمعنى. وقيل: سميت القيامة الحاقة لأنها تحق الكفار من قولهم حاقته فحققته مثل خاصمته فخصمته وسميت القارعة لأنها تقرع قلوب العباد بالمخافة إلى أن يصير المؤمنون إلى الأمن ودريت الشيء دراية ودُرية علمته وأدريته أعلمته والطاغية الطغيان مصدر مثل العافية والصرصر الريح الشديدة الصوت والحسوم المتوالية مأخوذ من حسم الداء بمتابعة الكي عليه فكأنه تتابع الشر عليهم حتى استأصلهم. وقيل: هو من القطع فكأنها حسمتهم حسوماً أي أذهبتهم وأفنتهم وقطعت دابرهم والخاوية الخالية التي لا شيء في أجوافها. الإعراب: العامل في الحاقة أحد شيئين إما الابتداء والخبر ما الحاقة كما تقول زيد ما زيد وإما أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هذه الحاقة ثم قيل أيّ شيء الحاقة تفخيماً لشأنها وحسوماً نصب على المصدر الموضوع موضع الصفة لثمانية أي تحسمهم حسوماً ويجوز أن يكون جمع حاسم فيكون مثل راقد ورقود وساجد وسجود وعلى هذا فيكون منصوباً على أنه صفة لثمانية أيضاً وصرعى نصب على الحال وقولهم كأنهم أعجاز نخل خاوية جملة في موضع الحال من صرعى أي صرعوا أمثال نخل خاوية ومن مزيدة في قوله { من باقية }. المعنى: { الحاقة } اسم من أسماء القيامة في قول جميع المفسرين وسميت بذلك لأنها ذات الحواق من الأمور وهي الصادقة الواجبة الصدق لأن جميع أحكام القيامة واجبة الوقوع صادقة الوجود { ما الحاقة } استفهام معناه التفخيم لحالها والتعظيم لشأنها. ثم زاد سبحانه في التهويل فقال { وما أدراك ما الحاقة } أي كأنك لست تعلمها إذ لم تعاينها ولم ترَ ما فيها من الأهوال قال الثوري يقال للمعلوم ما أدراك ولما ليس بمعلوم ما يدريك في جميع القرآن وإنما قال لمن يعلمها ما أدراك لأنه إنما يعلمها بالصفة. ثم أخبر سبحانه عن المكذبين بها فقال { كذبت ثمود وعاد بالقارعة } أي بيوم القيامة وإنما حسن أن توضع القارعة موضع الكناية لتذكر بهذه الصفة الهائلة بعد ذكرها بأنها الحاقة إلا فقد كان يكفي أن يقول كذبت ثمود وعاد بها.

السابقالتالي
2