الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } * { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } * { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } * { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } * { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } * { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } * { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ }

القراءة: قرأ ابن كثير في رواية القواس { وتعيها } بسكون العين مختلساً وهو بين الكسر والسكون والباقون بكسر العين وقرأ حمزة والكسائي لا يخفى بالياء والباقون بالتاء. الحجة: الوجه في سكون العين من تعيها أنه جعل حرف المضارعة مع ما بعده بمنزلة فخد فاسكن لأن حرف المضارعة لا تنفصل من الفعل فصار كقولك فهو وفهي والياء والتاء في قوله لا يخفى حسن. اللغة: الجارية السفينة التي من شأنها أن تجري على الماء والجارية المرأة الشابة لأنه يجري فيها ماء الشباب يقال وعيت العلم أعيه وعياً وأوعيت المتاع جعلته في الوعاء قال:
إذا لَمْ تَكُنْ حافِظاً واعِياً   فَجَمْعُـــكَ لِلْكُتْـبِ لا يَنْفَعُ
والدك البسط ومنه الدكان واندك سنام البعير إذا انفرش على ظهره والإرجاء النواحي وأحدها رجا مقصور والتثنية رجوان وهاؤم أمر للجماعة بمنزلة هاكم تقول للواحد هاءَ يا رجل وللاثنين هاؤُما يا رجلان وللجماعة هاؤم يا رجال وللمرأة هاءِ يا امرأة بكسر الهمزة وليس بعدها ياء وللمرأتين هاؤما وللنساء هاؤنَّ هذه لغة أهل الحجاز وتميم وقيس يقولون هاءَ يا رجل مثل قول أهل الحجاز وللاثنين هاء وللجماعة هاؤا وللمرأة هائي وللنساء هَأْنَ وبعض العرب يجعل مكان الهمزة كافاً فيقول هاك هاكما هاكم هاكِ هاكما هاكنَّ ومعناه خذ وتناول ويؤمر بها ولا ينهي ووقف الكسائي على هاؤم وابتدأ { اقرؤوا كتابيه } إعلاماً منه أنه لا يذهب يذهب إلى أعمال الفعل الأول وإنما العمل للثاني والراضية المرضية فاعلة بمعنى مفعول لأنها في معنى ذات رضى كما قيل لابن وتامر أي ذو لبن وذو تمر قال النابغة:
كَلِينِي لِهَمٍ يا أُمَيْمَةُ ناصِبِ   وَلَيْلٍ أُقاسِيِه بَطِيءُ الْكَواكِبِ
يعني ذو نصب فكأن العيشة أعطيت حتى رضيت لأنها بمنزلة الطالبة كما أن الشهوة بمنزلة الطالبة للمشتهي. وقيل: هو مثل ليل نائم وسرٌّ كاتم وماء دافق على وجه المبالغة في الصفة من غير التباس في المعنى والقطوف جمع قطف وهو ما يقطف من الثمر والقطف بالفتح المصدر. الإعراب: كتابي مفعول اقرؤوا لأنه يليه { قطوفها دانية } جملة مجرورة الموضع لأنها صفة جنة. المعنى: ثم بيَّن سبحانه قصة نوح ع فقال { إنا لما طغى الماء } أي جاوز الحدَّ المعروف حتى غرقت الأرض بما عليها إلا من شاء الله نجاته { حملناكم في الجارية } أي حملنا آباءكم في السفينة عن ابن عباس وابن زيد { لنجعلها لكم تذكرة } أي لنجعل تلك الفعلة التي فعلناها من إغراق قوم نوح ونجاة من حملناه عبرة لكم وموعظة تتذكرون بها نعم الله تعالى وتشكرونه عليها وتتفكرون فيها فتعرفون كمال قدرته وحكمته { وتعيها أذن واعية } أي وتحفظها أذن حافظة لما جاء من عند الله عن ابن عباس.

السابقالتالي
2 3