الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { أَفَنَجْعَلُ ٱلْمُسْلِمِينَ كَٱلْمُجْرِمِينَ } * { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ } * { إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ } * { أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ } * { سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ } * { أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ } * { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } * { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ } * { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ }

اللغة: الزعيم والكفيل والضمين والقبيل نظائر والساق للإنسان وساق الشجرة ما تقوم عليه وكل نبت له ساق ويبقى صيفاً وشتاء فهو شجرة قال طرفة:
لِلْفَتـى عَقْــلٌ يَعِيشُ بِهِ   حَيْثُ تَهْدِي ساقَهُ قَدَمُهْ
وتقول العرب قامت الحرب على ساق وكشفت عن ساق يريدون شدتها وقال جد أبي طرفة:
كَشَفَــتْ لَكُـمْ عَنْ ساقِها   وَبَدا مِنَ الشَّرِ الصُّراحُ
وقال آخر:
قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ ساقِها فَشُدُّوا   
وَجَــدَّتِ الْحَربُ بِكُمْ فَجدُّوا   
وَالقَــوْسُ فِيهــا وَتَرٌ عـُـرُدُّ   
الإعراب: { كيف } في محل نصب على الحال تقديره أجائرين تحكمون أم عادلين ويجوز أن يكون في محل المصدر وتقديره أيُّ حكم تحكمون وتحكمون في موضع النصب على الحال من معنى الفعل في قوله { لكم } لأن معنى قوله { مالكم } أيُّ شيء ثبت لكم وأم في جميع ذلك منقطعة إنَّ لكم فيه لما تخيَّرون كسرت أنَّ لمكان اللام في لما ولولاها لوجب فتحها لأنه مفعول تدرسون وهو كقولهوالله يعلم أنك لرسوله } [المنافقون: 1] وقوله { إن لكم لما تحكمون } مثله وإن شئت قلت إنما كسرت إن لأن ما قبله يمين وهي تكسر في جواب القسم وقوله يوم يكشف عن ساق العامل في الظرف قوله فليأتوا وخاشعة أبصارهم حال ومَنْ يُكَذِّب يجوز أن يكون مفعولاً معه ويجوز أن يكون عطفاً على ضمير المتكلم من ذرني. المعنى: لما ذكر سبحانه ما أعدَّه بالآخرة للكافرين عقَّبه بذكر ما أعدَّه للمتقين فقال { إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم } يتنعمون فيها ويختارونها على جنات الدنيا التي يحتاج صاحبها إلى المشقة والعناء. ثم استفهم سبحانه على وجه الإنكار فقال { أفنجعل المسلمين كالمجرمين } أي لا نجعل المسلمين كالمشركين في الجزاء والثواب وذلك أنهم كانوا يقولون إن كان بعث وجزاء كما يقوله محمد فإن حالنا يكون أفضل في الآخرة كما في الدنيا فأخبر سبحانه أن ذلك لا يكون أبداً { ما لكم كيف تحكمون } هذا تهجينٌ لهم وتوبيخ ومعناه أيُّ عقل يحملكم على تفضيل الكفار حتى صار سبباً لإصراركم على الكفر ولا يحسن في الحكمة التسوية بين الأولياء والأعداء في دار الجزاء. { أم لكم كتاب فيه تدرسون } معناه بل ألكم كتاب تدرسون فيه ذلك فأنتم متمسكون به لا تلتفتون إلى خلافه فإذا قد عدمتم الثقة بما أنتم عليه وفي الكتاب الذي هو القرآن عليكم أكبر الحجة لأنه الدلالة القائمة إلى وقت قيام الساعة والمعجزة الشاهدة بصدق من ظهرت على يده. { إن لكم فيه لما تخيرون } فيه وجهان أحدهما: أن تقديره أم لكم كتاب فيه تدرسون بأن لكم فيه ما تخيرون إلا أنه حذف الباء وكسرت إن لدخول اللام في الخبر والثاني: أن معناه أن لكم لما تخيرونه عند أنفسكم والأمر بخلاف ذلك ولا يجوز أن يكون ذلك على سبيل الخير المطلق.

السابقالتالي
2