الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } * { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } * { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } * { فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ } * { أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } * { فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } * { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } * { وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } * { عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ } * { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

القراءة: قرأ أهل المدينة وأبو عمرو { أن يبدّلنا } بالتشديد والباقون بالتخفيف وقد مرَّ ذكره في سورة الكهف. اللغة: الصرم والجداد في النخل بمنزلة الحصاد والقطاف في الزرع والكرم يقال: صرمت النخلة وجددتها وأصرم النخل وأجدت حان ذلك منها والصريم الليل الأسود وأنشد أبو عمرو:
أَلا بَكَـرَتْ وَعاذِلَتِـي تَلُـــومُ   تُجَهِّلُنِي وَمَا انْكَشَفَ الصَّرِيمُ
وقال الآخر:
تَطــاوَلَ لَيْلـُـكَ الْجَوْنُ الْبَهِيمُ   فَما يَنْجابُ عَنْ صُبْحٍ صَرِيمُ
إذا ما قُلْــتُ أَقْشَعَ أَوْ تَناهى   جَـــرَتْ مِــنْ كُلِّ ناحِيَةٍ غَيُومُ
ويسمى النهار أيضاً صريماً فهو من الأضداد لأن الليل ينصرم عند مجيء النهار والنهار ينصرم عند مجيء الليل والصريم أيضاً المصروم أي صرم جميع ثمارها. وقيل: الصريم منقطع الرمل الذي لا نبات فيه قال امرؤ القيس:
وَظَلَّ لِصِيرانِ الصَّرِيمِ غَماغِمٌ   تُــدَعِّسُها بِالسَّمْهَــــرِيِّ المُعَلْبِ
والطائف الطارق بالليل وإذا قيل طاف به صلح في الليل والنهار وأنشد الفراء:
أَطَفْتُ بِها نَهاراً غَيْرَ لَيْلٍ   وَألْهى رَبَّها طَلَبُ الرِّخَالِ
والرخال الإِناث من أولاد الضأن واحدتها رخل والحرد المنع من قولهم حاردت السنة إذا منعت قطرها وحاردت الناقة إذا منعت لبنها قال الكميت:
وَحارَدَتِ المُكْدُ الْجِلادُ وَلَمْ يَكُنْ   بِعُقْبـَــةِ قِــدْرِ الْمُسْتَعِيرِينَ مُعْقِبُ
ويروى النكد وهي النوق الغزيرات الألبان. وقيل: إن أصل الحرد القصد قال:
أَقْبَلَ سَيْلٌ جاءَ مْنْ عِنْدِ اللهْ   يْحْـــرِدُ حَـرْدَ الْجَنَّةِ الْمُغِلَّةْ
أي يقصد وحرد يحرد حرداً. وقيل: الحرد الغضب والحنق قال الأشهب بن رميلة:
أُسُــودُ شَــرَىً لاقَتْ أُسُود خَفِيَّةٍ   تَساقَوْا عَلى حَرْدٍ دِماءَ الأَساوِدِ
المعنى: ثم قال سبحانه { إنا بلوناهم } يعني أهل مكة أي اختبرناهم بالجوع والقحط { كما بلونا أصحاب الجنة } أي البستان الذي فيه الشجر قال سعيد بن جبير: وهذه الجنة حديقة كانت باليمن في قرية يقال لها صروان بينها وبين صنعاء اثنا عشر ميلاً كانت لشيخ وكان يمسك منها قدر كفايته وكفاية أهله ويتصدق بالباقي فلما مات قال بنوه نحن أحق لكثرة عيالنا ولا يسعنا أن نفعل كما فعل أبونا وعزموا على حرمان المساكين فصارت عاقبتهم إلى ما قصَّ الله تعالى في كتابه وهو قوله { إذ أقسموا } أي حلفوا فيما بينهم { ليصرمنها مصبحين } أي ليقطعنَّ ثمرتها إذا دخلوا في وقت الصباح { ولا يستثنون } أي غير مستثنين في أيمانهم فلم يقولوا إن شاء الله فإن قول القائل لأفعلنَّ كذا إلا أن يشاء الله استثناء ومعناه إلا أن يشاء الله منعي أو تمكين مانعي. { فطاف عليها طائف من ربك } أي أحاطت بها النار فاحترقت عن ابن عباس. وقيل: معناه طرقها طارق من أمر الله عن قتادة { وهم نائمون } أي في حال نومهم قال مقاتل: بعث الله ناراً بالليل على جنَّتهم فأحرقتها حتى صارت مسودة فذلك قوله { فأصبحت كالصريم } أي كالليل المظلم والصريمان الليل والنهار لانصرام أحداهما من الآخر عن ابن عباس وأبي عمرو بن العلاء.

السابقالتالي
2 3