الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ } * { ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } * { ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ } * { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ }

القراءة: قرأ حمزة والكسائي من تفوّت بتشديد الواو من غير ألف وهي قراءة الأعمش والباقون تفاوت بالألف. الحجة: قال أبو الحسن: تفاوت أجود لأنهم يقولون تفاوت الأمر ولا يكادون يقولون تفوَّت الأمر قال وهي أظن لغة قال سيبويه قد يكون فاعل وفعل بمعنى نحو ضاعف وضعف وتفاعل مطاوع فاعل كما أن تفعل مطاوع فعل فعلى هذا القياس يكون تفاعل وتفعل بمعنى وتفاوت وتفوت بمعنى. اللغة: تبارك أصله من البرك وهو ثبوت الطائر على الماء والبركة ثبوت الخير بنمائه وقوله طباقاً مصدر طوبقت طباقاً فهي مطبق بعضها على بعض عن الزجاج. وقيل: هو جمع طبق مثل جمل وجمال والتفاوت الاختلاف والاضطراب والفطور الشقوق والصدوع من الفطر وهو الشق الخاسىء الذليل الصاغر. وقيل: هو البعيد مما يريده منه. وقيل للكلب اخسأ والحسير من الإبل المعيي الذي لا فضل فيه للسير قال:
بِها جِيَفُ الْحَسْرى فَأَمّا عِظامُها   فَبِيــضٌ وَأَمـَّــا جِلْدُهـا فَصَلِيبُ
والسعير النار المسعرة واعتدنا أصله أعددنا أي هيّأنا فأبدلت الدال تاء. الإعراب: { الذي خلق } بدل من الذي بيده الملك ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف فعلى هذا الوجه يجوز الوقف على ما قبله وعلى الوجه الأول لا يجوز وقوله { أيكم أحسن عملاً } تعليق لأن التقدير ليبلوكم فيعلم أيكم أحسن عملاً وارتفع أَيّ بالابتداء وإنما لم يعمل فيه ما قبله لأنه على أصل الاستفهام وطباقاً نصب على الحال إذا أردنا في سماوات معنى الألف واللام وإن جعلناها نكرة كان طباقاً صفتها وقوله كرتين منصوب على المصدر أي رجعتين. المعنى: أخبر سبحانه عن عظمته وعلو شأنه وكمال قدرته فقال { تبارك } أي تعالى وجلّ عما لا يجوز عليه في ذاته وأفعاله عن أبي مسلم. وقيل: معناه تعالى بأنه الثابت الذي لم يزل ولا يزال. وقيل: معناه تعاظم بالحق من ثبوت الأشياء به إذ لولاه لبطل كل شيء لأنه لا يصحّ سواه شيء إلا وهو مقدوره أو مقدور مقدوره الذي هو القدرة. وقيل: معناه تعالى مَنْ جميعُ البركات منه إلا أن هذا المعنى مضمر في الصفة غير مصرّح به وإنما المصرح به أنه تعالى باستحقاق التعظيم. { الذى بيده الملك } والملك هو اتساع المقدور لمن له السياسة والتدبير ومعناه الذي هو المالك وله الملك يؤتيه من يشاء ويتصرف فيه كما يشاء وإنما ذكر اليد تأكيداً ولأن أكثر التصرفات والعطايا باليد. { وهو على كل شيء قدير } من إنعام وانتقام. وقيل: معناه أنه قادر على كل شيء يصح أن يكون مقدوراً له وهو أخصّ من قولناوهو بكل شيء عليم } [البقرة: 29] لأنه لا شيء إلا ويجب أن يعلمه إذ لا شيء إلا ويصح أن يكون معلوماً في نفسه ولا يوصف سبحانه بكونه قادراً على ما لا يصح أن يكون مقدوراً في نفسه مثل ما تقضى وقته مما لا يبقى.

السابقالتالي
2 3