الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { قُلْ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } * { قُلْ هُوَ ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقِيلَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ ٱلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَآؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ }

القراءة: قرأ يعقوب { تدعون } ساكنة الدال خفيفة وهو قراءة الحسن والضحاك وقتادة والباقون تدَّعون بالتشديد وقرأ الكسائي فسيعلمون بالياء والباقون بالتاء. الحجة: أما قوله { تدعون } فالمعنى هذا الذي كنتم به تدعون الله كقوله تعالىسأل سائل بعذاب واقع } [المعارج: 1] وأما { تدَّعون } بالتشديد فمعناه تتداعون بوقوعه قال ابن جني: يعني كانت الدعوة بوقوعه فاشية بينكم كقوله تعالى في معنى العمومولا تنابزوا بالألقاب } [الحجرات: 11] أي لا يفشُّ هذا فيكم وليس معنى تدَّعون هنا من ادعاء الحقوق وإنما بمعنى تتداعون من الدعاء لا من الدعوى كما في قول الشاعر:
فَمـا برحـت خيـل تثـوب وتدعـي   
يعني تتداعى بينهما يا لفلان. اللغة: يقال كببته فأكب وهو نادر مثل قشعت الريح السحاب فأقشعت ونزفت البئر فأنزفت أي ذهب ماؤها ونسلت ريش الطائر فانسل والزلفة القربة وهو مصدر يستوي فيه الواحد والجمع ومنه المزدلفة لقربه من مكة وقد تجمع الزلفة زُلفاً قال العجاج:
ناجٍ طَواهُ الأَيْنُ مِمّا وَجَفا   طـَـيَّ اللَّيالِي زُلَفـــاً فَزُلَفا
وساءه الأمر يسوؤه سوءاً أي غمَّه وحزنه ومنه أساء يسيء إذا فعل ما يؤدّي إلى الغمّ وماء غور أي غائر وصف بالمصدر مبالغة كما يقال هؤلاء زور فلان وضيفه والمعين قيل إنه مفعول مأخوذ من العين فعلى هذا يكون مثل مبيع من البيع. وقيل: إنه من الإِمعان في الجري فعلى هذا يكون على وزن فعيل فكأنه قيل ممعن في الإِسراع والظهور. الإِعراب: { قليلاً } صفة مصدر محذوف أي تشكرون شكراً قليلاً وما مزيدة { فستعلمون من هو في ضلال مبين } يحتمل أن يكون من استفهاماً فيكون اسماً موصولاً قال أبو علي: دخلت الفاء في قوله { فمن يجير } وقوله { فمن يأتيكم } لأن أرأيتم بمعنى انتبهوا أي انتبهوا فمن يجير وانتبهوا فمن يأتيكم كما تقول قم فزيد قائم قال ولا يكون الفاء جواب الشرط وإنما يكون جواب الشرط مدلول أرأيتم قال وإن شئت كانت الفاء زائدة مثلها في قوله { فلا تحسبنهم } ويكون الاستفهام سادّاً مسدّه مفعولي أرأيتم كقولهم أرأيت زيداً ما فعل وهذا من دقائقه. المعنى: ثم ضرب سبحانه مثلاً للكافر والمؤمن فقال { أفمن يمشي مكباً على وجهه } أي منكساً رأسه إلى الأرض فهو لا يبصر الطريق ولا من يستقبله ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله وهو الكافر المقلد لا يدري أمحق هو أم مبطل هذا { أهدى أم من يمشي سوياً } أي مستوياً قائماً يبصر الطريق وجميع جهاته كلها فيضع قدمه حيث لا يعثر وهو المؤمن الذي سلك طريق الحق وعرفه واستقام عليه وأمكنه دفع المضار عن نفسه وجلب المنافع إليها { على صراط مستقيم } أي على طريق واضح قيّم وهذا معنى قول ابن عباس ومجاهد. وقيل: إن هذا في الآخرة يحشر الله الكافر مكبّاً على وجهه يوم القيامة كما قال

السابقالتالي
2 3