الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ }

القراءة: قرأ حماد ويحيى عن أبي بكر { نُصوحاً } بضم النون والباقون بفتح النون وقرأ أهل البصرة وحفص وكتبه بضم الكاف والتاء على الجمع والباقون وكتابه على الواحد. الحجة: قال أبو علي: يشبه أن يكون النصوح بالضم مصدراً وذلك إن ذا الرمة قال:
أُحِبُّـكَ حُبّـاً خالَطَتْـهُ نِصاحَـة   
فالنصاحة على فِعالة وما كان على فعال من المصادر فقد يكون منه الفعول نحو الذهاب والذهوب ويكون قد وصف بالمصدر نحو عدل ورضا قال أبو الحسن نصحته في معنى صدقته وتوبة نصوح أي صادقة والفتح كلام العرب ولا أعرف الضم وحجة من قال وكُتُبه أنه في موضع جمع ألا ترى أنها قد صدقت بجميع كتب الله تعالى ومن قال وكتابه أراد الكثرة والشياع وقد يجيء ذلك في الأسماء المضافة كما يجيء في الأسماء المفردة كما قالوإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } [إبراهيم: 34]. الإعراب: { والذين آمنوا معه } مبتدأ نورهم مبتدأ ثاني { ويسعى بين أيديهم } في موضع الخبر والجملة خبر المبتدأ الأول وقوله { امرأة فرعون } تقديره مثل امرأة فرعون فحذف المضاف وهو بدل من قوله مثلاً. المعنى: لما أدَّب سبحانه نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمر عقيبه المؤمنين بتأديب نسائهم فقال مخاطباً لهم { يا أيها الذين آمنوا قوا } أي احفظوا واحرسوا وامنعوا { أنفسكم وأهليكم ناراً } والمعنى قوا أنفسكم وأهليكم النار بالصبر على طاعة الله وعن معصيته وعن اتباع الشهوات وقوا أهليكم النار بدعائهم إلى الطاعة وتعليمهم الفرائض ونهيهم عن القبائح وحثهم على أفعال الخير وقال مقاتل بن حيان: وهو أن يؤدّب الرجل المسلم نفسه وأهله ويعلمهم الخير وينهاهم عن الشر فذلك حق على المسلم أن يفعل بنفسه وأهله وعبيده وإمائه في تأديبهم وتعليمهم. ثم وصف سبحانه النار التي حذَّرهم منها فقال { وقودها الناس والحجارة } أي حطب تلك النار الناس وحجارة الكبريت وهي تزيد في قوة النار وقد مرَّ تفسيره { عليها ملائكة غلاظ شداد } أي غلاظ القلوب لا يرحمون أهل النار أقوياء يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم { لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } وفي هذا دلالة على أن الملائكة الموكلين بالنار معصومون عن القبائح لا يخالفون الله في أوامره ونواهيه. وقال الجبائي: إنما عنى أنهم لا يعصونه ويفعلون ما يأمرهم به في دار الدنيا لأن الآخرة ليست بدار تكليف وإنما هي دار جزاء وإنما أمرهم الله تعالى بتعذيب أهل النار على وجه الثواب لهم بأن جعل سرورهم ولذاتهم في تعذيب أهل النار كما جعل سرور المؤمنين ولذاتهم في الجنة. ثم حكى سبحانه ما يقال للكفار يوم القيامة فقال { يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم } وذلك أنهم إذا عذَّبوا يأخذون في الاعتذار فلا يلتفت إلى معاذيرهم ويقال لهم لا تعتذروا اليوم فهذا جزاء فعلكم وذلك قوله { إنما تجزون ما كنتم تعملون }.

السابقالتالي
2 3 4