الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } * { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } * { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً }

القراءة: قرأ حفص عن عاصم { بالغ } بغير تنوين أمره بالجر على الإضافة والباقون { بالغ } بالتنوين أمره بالنصب وفي الشواذ قراءة داود بن أبي هند أن الله بالغ بالتنوين أمره بالرفع وروي عن ابن عباس وأبي بن كعب وجابر بن عبد الله وعلي بن الحسين ع وزيد ابن علي وجعفر بن محمد ومجاهد { فطلقوهن } في قبل عدتهن. الحجة: قال أبو علي قوله { بالغٌ أَمْرَه } على سيبلغ أمره فيما يريده فيكم فهذا هو الأصل وهو حكاية حال ومن أضاف حذف التنوين استخفافاً والمعنى معنى ثبات التنوين مثل عارض ممطرنا وأما قوله في قبل عدتهن فإنه تفسير للقراءة المشهورة { فطلقوهن لعدتهن } أي عند عدتهن ومثله قوله { لا يجليها لوقتها } أي عند وقتها ومن قرأ { بالغ أمره } فالمعنى أمره بالغ ما يريده الله به وقد بلغ أمر الله ما أراده فالمفعول على ما رأيت محذوف. الإعراب: { واللائي لم يحضن } مبتدأ خبره محذوف لدلالة الكلام عليه فإذا جاز حذف الجملة بأسرها جاز حذف بعضها وقد جاء أيضاً في الصفة وإن قلَّ نحو قوله { وأوتيت من كل شيء } تقديره من كل شيء تؤتاه. المعنى: نادى سبحانه نبيَّه فقال { يا أيها النبي } ثم خاطب أمته فقال { إذا طلقتم النساء } لأنه السيد المقدم فإذا نودي وخوطب خطاب الجمع كانت أمته داخلة في ذلك الخطاب عن الحسن وغيره. وقيل: إن تقديره يا أيها النبي قل لأمتك إذا طلقتم النساء عن الجبائي فعلى هذا يكون النبي صلى الله عليه وسلم خارجاً عن الحكم وعلى القول الأول حكمه حكم أمته في أمر الطلاق وعلى هذا انعقد الإجماع والمعنى إذا أردتم طلاق النساء مثل قوله سبحانهإذا قمتم إلى الصلاة } [المائدة: 6] وقولهفإذا قرأت القرآن } [النحل: 98] { فطلقوهن لعدتهن } أي لزمان عدتهن وذلك أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه عن ابن عباس وابن مسعود والحسن ومجاهد وابن سيرين وقتادة والضحاك والسدي فهذا هو الطلاق للعدة لأنها تعتد بذلك الطهر من عدتها وتحصل في العدة عقيب الطلاق فالمعنى فطلّقوهن لطهرهنّ الذي يحصينه من عدتهن ولا تطلقوهن لحيضهن الذي لا يعتددن به من قرئهن فعلى هذا يكون العدة الطهر على ما ذهب إليه أصحابنا وهو مذهب الشافعي. وقيل: إن المعنى قبل عدتهن أي في طهر لم يجامعها فيه العدة الحيض كما يقال توضأت للصلاة ولبست السلاح للحرب وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه. وقيل: إن اللام للسبب فكأنه قال فطلقوهنّ ليعتددن ولا شبهة أن هذا الحكم للمدخول بها لأن المطلقة قبل المسيس لا عدة عليها وقد ورد به التنزيل في سورة الأحزاب وهو قولهفما لكم عليهن من عدة تعتدونها }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7