الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

اللغة: الأسفار الكتب واحدها سِفْر وإنما سمي بذلك لأنه يكشف عن المعنى بإظهاره يقال سفر الرجل عمامته إذا كشفها وسفرت المرأة عن وجهها فهي سافرة ومنه والصبح إذا أسفر. الإِعراب: { وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } إن هذه مخففة من إنَّ ولهذا لزمها اللام الفارقة في خبر كان لئلا يلتبس بإن النافية وآخرين مجرورة لأنه صفة محذوف معطوف على الأميين أي وفي قوم آخرين ويحتمل أن يكون منصوباً بالعطف على هم في يعلّمهم. { يحمل أسفاراً } في موضع النصب على الحال. { بئس مثل القوم } المخصوص بالذم محذوف تقديره بئس مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله مثلهم فيكون الذين في موضع جرّ ويجوز أن يكون التقدير بئس مثل القوم مثل الذين كذبوا فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وعلى هذا يكون الذين في موضع رفع وهو المخصوص بالذم. المعنى: { يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض } أي ينزّهه سبحانه كل شيء ويشهد له بالوحدانية والربوبية بما ركب فيها من بدائع الحكمة وعجائب الصنعة الدالة على أنه قادر عالم حي قديم سميع بصير حكيم لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء وإنما قال مرة سبح ومرة يسبح إشارة إلى دوام تنزيهه في الماضي والمستقبل { الملك } أي القادر على تصريف الأشياء { القدوس } أي المستحق للتعظيم الطاهر عن كل نقص { العزيز } القادر الذي لا يمتنع عليه شيء { الحكيم } العالم الذي يضع الاشياء موضعها. { هو الذي بعث في الأميين } يعني العرب وكانت أمة أمية لا تكتب ولا تقرأ ولم يبعث إليهم نبي عن مجاهد وقتادة. وقيل: يعني أهل مكة لان مكة تسمى أم القرى { رسولاً منهم } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم نسبه نسبهم وهو من جنسهم كما قاللقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه } [التوبة: 128] ووجه النعمة في أنه جعل النبوة في أمي موافقته لما تقدمت البشارة به في كتب الأنبياء السالفة ولأنه أبعد من توهم الاستعانة على ما أتى به من الحكمة بالحكم التي تلاها والكتب التي قرأها وأقرب إلى العلم بأن ما يخبرهم به من أخبار الأمم الماضية والقرون الخالية على وفق ما في كتبهم ليس ذلك إلا بالوحي. { يتلوا عليهم آياته } أي يقرأ عليهم القرآن المشتمل على الحلال والحرام والحجج والأحكام { ويزكيهم } أي ويطهّرهم من الكفر والذنوب ويدعوهم إلى ما يصيرون به أزكياء { ويعلمهم الكتاب والحكمة } الكتاب القرآن والحكمة الشرائع. وقيل: إن الحكمة تعمّ الكتاب والسنة وكل ما أراده الله تعالى فإن الحكمة هي العلم الذي يعمل عليه فيما يجتبى أو يجتنب من أمور الدين والدنيا { وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين } معناه وما كانوا من قبل بعثه إليهم إلا في عدول عن الحق وذهاب عن الدين بيّن ظاهر.

السابقالتالي
2 3