الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى ٱلإِسْلاَمِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

القراءة: فتح أهل البصرة والحجاز وأبو بكر الياء من قوله { من بعدي اسمه أحمد } ولم يفتحه الباقون وقرأ ابن كثير وأهل الكوفة غير أبي بكر متم نوره مضافاً والباقون متم نوره بالنصب والتنوين. الحجة: الإضافة ينوي بها الانفصال كما في قولهإنا مرسلو الناقة } [القمر: 27] وذائقة الموت } [آل عمران: 185] والنصب في متم نوره على أنه في حال الفعل وفيما يأتي. الإعراب: قوله اسمه أحمد في موضع جر لكونه وصفاً للرسول كما أَنّ قوله يأتي في موضع جر أيضاً وتقديره اسمه قول أحمد فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وكذلك قوله { يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة } أي يجدون ذكره مكتوباً ألا ترى أن الشخص لا يكتب كما أن أحمد عبارة عن الشخص والاسم قول والقول لا يكون الشخص وخبر المبتدأ يكون المبتدأ في المعنى ومفعول قوله يريدون محذوف وتقديره يريدون ذم الإسلام أو يريدون هذا القول ليطفئوا نور الله أي لإطفاء نور الله والله متم نوره في موضع نصب على الحال. المعنى: ثم عطف سبحانه بقصة عيسى ع على قصة موسى فقال { وإذ قال عيسى ابن مريم } أي واذكر إذ قال عيسى ابن مريم لقومه الذين بعث إليهم { يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة } المنزلة على موسى { ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } يعني نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم كما قال الشاعر:
صَلَّى الإِلهُ وَمَنْ يَحُفُّ بِعَرْشِهِ   وَالطَّيِّبُــونَ عَلَى المُبارَكِ أَحْمَدُ
ولهذا الاسم معنيان أحدهما: أن يجعل أحمد مبالغة من الفاعل أي هو أكثر حمداً لله من غيره والآخر: أن يجعل مبالغة من المفعول أي: يحمد بما فيه من الأخلاق والمحاسن أكثر مما يحمد غيره. وصحت الرواية عن الزهري عن محمد بن جبير بن المطعم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن لي أسماء أنا أحمد وأنا محمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي " أورده البخاري في الصحيح وقد تضمنت الآية أن عيسى بشر قومه بمحمد صلى الله عليه وسلم وبنبوته وأخبرهم برسالته وفي هذه البشرى معجزة لعيسى ع عند ظهور محمد صلى الله عليه وسلم وأمر لأمته أن يؤمنوا به عند مجيئه. { فلما جآءهم } أحمد { بالبينات } أي بالدلالات الظاهرة والمعجزات الباهرة { قالوا هذا سحر مبين } أي ظاهر { ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب } أي من أشد ظلماً ممن اختلق الكذب على الله وقال لمعجزاته سحر وللرسول أنه ساحر كذاب { وهو يدعى إلى الإسلام } الذي فيه نجاته.

السابقالتالي
2