الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ ٱلْحَقِّ يُخْرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِٱلْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } * { إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ } * { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُواْ لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءآؤُاْ مِّنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةُ وَٱلْبَغْضَآءُ أَبَداً حَتَّىٰ تُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَآ أَمْلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } * { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

القراءة: قرأ أهل الحجاز وأبو عمرو { يفصل بينكم } بضم الياء وفتح الصاد على التخفيف وقرأ أهل الكوفة غير عاصم { يفصل } بضم الياء وكسر الصاد مشدداً وقرأ عاصم ويعقوب وسهل يفصل بفتح الياء وكسر الصاد مخففاً وقرأ ابن عامر { يفصل } بضم الياء وفتح الصاد مشدداً وفي الشواذ قراءة عيسى بن عمرو أنا براء منكم على مثال فعال. الحجة: قال أبو علي: ذهب أبو الحسن في هذا النحو أن الظرف أقيم مقام الفاعل وترك على الفتح الذي كان يجري عليه في الكلام لجريه في أكثر الكلام منصوباً وكذلك تقول في قولهوأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك } [الجن: 11] وكذلك يجيء قياس قوله لقد تقطع بينكم فاللفظ على قوله مفتوح والموضع رفع كما كان اللفظ في قوله وكفى بالله وما جاءني من رجل مجروراً والموضع رفع والقول في قراءة ابن عامر يفصل مثل القول في يفصل وقول عاصم يفصل حسن والضمير يرجع إلى اسم الله تعالى ودلّ عليه قوله وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم وكذلك قول من قرأ يفصل. وبريء في تكسيره أربعة أوجه براء كالشريف والشرفاء وهو قراءة الجماعة وبراء نحو ظريف وظراف وأبرياء كصديق وأصدقاء وبراء كتؤام ورباب وعليه بيت الحارث بن حلزة:
فـإنــا مــن قتلهــم لبــراءُ   
قال الفراء: أراد به براء فحذف الهمزة التي هي لام تخفيفاً وأخذ هذا الموضع من أبي الحسن في قوله أن أشياء أصله أشيئاء وهذا المذهب يوجب ترك صرف براء لأنها همزة التأنيث. الإعراب: ذهب الزجاج إلى أن التقدير إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء. وقيل: إن الكلام قد تم عند قوله أولياء ثم قال: تلقون إليهم على تقدير أتلقون فحذف الهمزة كقوله { وتلك نعمة تمنها علي } وتقديري أو تلك نعمة. وقيل: إن قوله تلقون إليهم بالمودة في موضع النصب على الحال من الضمير في لا تتخذوا والباء مزيدة والتقدير { تلقون إليهم المودة } كما قال الشاعر:
فَلَمَّا رَجَتْ بِالشُّرْبِ هَزَّ لَها الْعَصا   شَحِيــحٌ لَهُ عِنْـــدَ الإزاءِ نَهِيـــمُ
أي رجت الشرب ويجوز أن يكون مفعول تلقون محذوفاً والباء تتعلق به أي تلقون إليهم ما تريدون بالمودة التي بينكم وبينهم وقد كفروا جملة في موضع نصب على الحال من العدو أو من الهاء والميم في قوله { تلقون إليهم } وإياكم منصوب بالعطف على الرسول إن كنتم خرجتم جواب الشرط محذوف لدلالة ما تقدمه من الكلام عليه أي إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي فلا نتخذوا عدوي وعدوكم أولياء وجهاداً مفعول له أي للجهاد ويجوز أن يكون مصدراً وضع موضع الحال وابتغاء مرضاتي معطوف عليه على الوجهين والتقدير للحال خرجتم مجاهدين في سبيلي مبتغين مرضاتي.

السابقالتالي
2 3 4