الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ }

القراءة: قرأ أهل البصرة { ولا تمسكوا } بالتشديد والباقون { ولا تمسكوا } بالتخفيف وفي الشواذ قراءة الأعرج { فعقبتم } بالتشديد وقراءة النخعي والزهري ويحيى بن يعمر بخلاف { فعقبتم } خفيفة القاف من غير ألف وقراءة مسروق فعقبتم بكسر القاف من غير ألف والقراءة المشهورة فعاقبتم وقرأ مجاهد فأعقبتم. الحجة: حجة من قرأ لا تمسكوا قولهفإمساك بمعروف } [البقرة: 229]ولا تمسكوهن ضراراً } [البقرة: 231] وأَمسك عليك زوجك } [الأحزاب: 37] وحجة من قال: ولا تمسّكوا قولهوالذين يمسّكون بالكتاب } [الأعراف: 170] يقال: أمسكت بالشيء ومسكت به وتمسكت به قال ابن جني: روينا عن قطرب قال فعاقبتم أصبتم عقبى منهن يقال: عاقب الرجل شيئاً إذا أخذ شيئاً وأنشد لطرفة:
فعقبتــم بذنــوب غيــر مــر   
جمع مره فسروه على أعطيتم وعدتم وقال: في قوله { ولم يعقب } لم يرجع وحكي عن الأعمش أنه قال: عقبتم غنمتم وقد يجوز أن يكون عقبتم بوزن غنمتم وبمعناه جميعاً وروي أيضاً بيت طرفة فعقبتم بكسر القاف وحكى أبو عوانة عن المغيرة قال: قرأت على إبراهيم فعاقبتم فأخذها على فعقبتم خفيفة ومعنى أعقبتم صنعتم بهم مثل ما صنعوا بكم. النزول: قال ابن عباس: صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية مشركي مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو لهم ولم يردّوه عليه وكتبوا بذلك كتاباً وختموا عليه فجاءت سبيعة بنت الحرث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم وقال مقاتل: هو صيفي ابن الراهب في طلبها وكان كافراً فقال: يا محمد اردد عليّ امرأتي فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجفّ بعد فنزلت الآية { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الإسلام فامتحنوهن } قال ابن عباس: امتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج ولا رغبة عن أرض إلى أرض ولا التماس دنيا وما خرجت إلا حبّاً لله ولرسوله فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خرجت بغضاً لزوجها ولا عشقاً لرجل منا وما خرجت إلا رغبة في الإسلام فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها عليه فتزوجها عمر بن الخطاب. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد من جاءه من الرجال ويحبس من جاءه من النساء إذا امتحنّ ويعطي أزواجهن مهورهن. قال الزهري: ولما نزلت هذه الآية وفيها قوله { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } طلق عمر بن الخطاب امرأتين كانتا له بمكة مشركتين قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة والأخرى أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما وكانت عند طلحة بن عبد الله أروى بنت ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب ففرق بينهما الإسلام حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر وكان طلحة قد هاجر وهي بمكة عند قومها كافرة ثم تزوجها في الإسلام بعد طلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية وكانت ممن فرّت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نساء الكفار فحبسها وزوجها خالداً وأميمة بنت بشر كانت عند ثابت بن الدحداحة ففرت منه وهو يومئذٍ كافر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها رسول الله سهل بن حنيف فولدت عبد الله بن سهل قال الشعبي: وكانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبى العاص بن الربيع فأسلمت ولحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وأقام أبو العاص مشركاً بمكة ثم أتى المدينة فأمنته زينب ثم أسلم فردها عليه رسول الله وقال الجبائي: لم يدخل في شرط صلح الحديبية إلا رد الرجال دون النساء ولم يجر للنساء ذكر وأن

السابقالتالي
2 3 4