الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيْنَٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَٰتٍ مَّن نَّشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } * { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة ويعقوب درجات منوّناً والباقون درجات من نشاء بالإضافة وقرأ أهل الكوفة غير عاصم واللّيْسَع بتشديد اللام وفتحها وسكون الياء ههنا وفي ص والباقون والْيَسع بسكون اللام وفتح الياء. الحجة: من أضاف درجات ذهب إلى أنّ المرفوعة هي الدرجات لمن يشاء ومن نوَّن ذهب إلى أن المرفوع صاحب الدرجات ويقوّي قراءة من أضاف قولـهتلك الرسل فضَّلنا بعضهم على بعض } [البقرة: 253] فمن فضَّل على غيره فقد رفعت درجته عليه ويدلُّ على قراءة من نوَّن قولـهورفع بعضهم درجات } [البقرة: 253] لأنه في ذكر الرسل فأما قولـهورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريّاً } [الزخرف: 32] فإنه في الرتب وارتفاع الأحوال في الدنيا واتضاعها لأن قبله نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا. وأما من قرأ اللَّيْسع باللام فإن هذه اللام زائدة قال أبو علي: اعلم أن لام المعرفة يدخل الأسماء على ضربين: أحدهما: للتعريف والآخر زيادة زيدت كما تزاد الحروف والتعريف على ضروب منها أن يكون إشارة إلى معهود بينك وبين المخاطب نحو الرجل إذا أردت به رجلاً عرفتماه بعهد كان بينكما. والآخر: أن يكون إشارة إلى ما في نفوس الناس من علمهم للجنس فهذا الضرب وإن كان معرفة كالأول فهو مخالف له من حيث كان الأول قد علمه حسّاً وهذا لم يعلمه كذلك إنما يعلمه معقولاً وأما نحو مررت بهذا الرجل فإنما أشير به إلى الشاهد الحاضر لا إلى غائب معلوم بعهد ألا ترى أنك تقول ذلك فيما لا عهد بينك فيه وبين مخاطبك ويدلّك على ذلك قولك في النداء يا أيها الرجل فتشير به إلى المخاطب الحاضر فأما نحو العباس والحارث والحسن فإنما دخلت الألف واللام فيها على تنزيل أنها صفات جارية على موصوفين وهذا يعني الخليل بقولـه جعلوه الشيء بعينه فإذا لم ينزل هذا التنزيل لم يلحقوها الألف واللام فقالوا حارث وعباس وعلى كلا المذهبين جاء ذلك في كلامهم قال الفرزدق:
يُقَعِّدُهُمْ أَعْراقُ حِذْيَمَ بَعْدَمـــا   رَجا الهُتْمُ إدْراكَ العَلَى وَالمكارِمِ
وقال:
ثَلاث مِئينَ لِلْمُلوكِ وَفى بِها   رِدائي وَجَلَّتْ عِنْ وُجُوهِ الأَهَاتِمِ
فجعله مرة اسماً بمنزلة أضحاة وأضاح ومرة صفة بمنزلة أحمر وحمر وجمع الأعشى بين الأمرين في قولـه:
أَتانِي وَعِيدُ الحُوْصِ مِنْ آلِ جَعْفَرٍ   فَيا عَبْدَ عَمْروٍ لَوْ نَهَيْتَ الأَحاوِصا
وأما قولـه:
وَالتَّيْمُ ألأَمُ مَــنْ يَمْشِي وَأَلأَمُهُـــمْ   ذُهْلُ بن تَيمٍ بَنُو السُودِ المَدانِيسِ
فإنه يحتمل أمرين يجوز أن يكون بمنزلة العباس لأن التيم مصدر والمصادر قد أجريت مجرى أسماء الفاعلين فوصف بها كما وصف بأسماء الفاعلين وجمع جمعها في نحو نور وأنوار وسيل وسوائل، وعلى هذا قالوا الفضل في اسم رجل كأنهم جعلوه الشيء الذي هو خلاف النقص والآخر أن يكون تيمي وتيم كزنجي وزنج فأما الألف واللام في الليسع فلا يخلو أن تكون زائدة أو غير زائدة فإن كانت غير زائدة فلا يخلو أن يكون على حد الرجل إذا أردت به المعهود أو الجنس نحو

السابقالتالي
2 3