الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ وَٱتَّقُوهُ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ ٱلْحَقُّ وَلَهُ ٱلْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ }

الإعراب: يحتمل أول الآية وجهين أحدهما: أن يكون التقدير أمرنا لأن نسلم ولأن نقيم الصلاة والثاني: أن يكون محمولاً على المعنى لأن معناه أمرنا بالإسلام وبإقامة الصلاة وموضع أن نصب لأن الباء لما سقطت أفضى الفعل فنصب عالم الغيب رفع لأنه نعت الذي في قولـه وهو الذي خلق السماوات والأرض ويحتمل أن يكون فاعل فعل يدل عليه الفعل المبني للمفعول به وهو قولـه { ينفخ في الصور } وهذا كما يقولون أُكِلَ طعامُك عبد الله والتقدير أكله عبد الله قال الشاعر:
لِيُبْكَ يَزيدُ ضارعٌ لِخُصُومَةٍ   وَمُخْتَبِطٌ مِّما تُطيحُ الطَوائِحُ
كأَن قيل من يبكيه قال يبكيه ضارع والأول أجود. المعنى: { وأن أقيموا الصلاة } هذا موصول بما قبله أي. وقيل: لنا أقيموا الصلاة { واتقوه } أي واتقوا رب العالمين أي تجنّبوا معاصيه فتتقوا عقابه { وهو الذي إليه تحشرون } أي تجمعون إليه يوم القيامة فيجازي كل عامل منكم بعمله { وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق } فيه قولان: أحدهما: أن معناه خلقهما للحق لا للباطل عن الحسن والزجاج وغيرهما ومعناه خلقهما حقاً وصواباً لا باطلاً وخطأ كما قالوما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً } [ص: 27] وأدخلت الباء والألف واللام كما أدخلت في نظائرها يقولون فلان يقول الحق بمعنى أنه يقول حقاً لا أن الحق معنى غير القول بل تقديره إنَّ خلقهما حكمة وصواب من حكم الله وهو موصوف بالحكمة في خلقهما وخلق ما سواهما من جميع خلقه لا إن هناك حقاً سوى خلقهما خلقهما به. والقول الآخر: ما قاله قوم إن معناه خلق السماوات والأرض بكلامه الحق وهو قولـه ائتيا طوعاً أو كرهاً فالحق صفة قولـه وكلامه الأول هو الصحيح. { ويوم يقول كن فيكون } ذكر في نصب يوم وجوه أحدها: أن يكون عطفاً على الهاء في قولـه واتقوه أي واتقوا يوم يقول كن فيكون كما قال سبحانهواتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً } [البقرة: 48 و 123] والثاني: أن يكون على معنى واذكر يوم يقول كن فيكون لأن بعده { وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر } عطفاً على ذلك قال الزجاج: وهو الأجود والثالث: أن يكون معطوفاً على السماوات والمعنى وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق وخلق يوم يقول كن فيكون فإن يوم القيامة لم يأت بعد فجوابه أن ما أنبأ الله بكونه فحقيقة واقع لا محالة وأما قولـه كن فيكون فقد قيل فيه إنه خطاب للصور والمعنى يوم يقول للصور كن فيكون وما ذكر من الصور يدل عليه. وقيل: إن قولـه كن فيكون فيه إضمار جميع ما يخلق في ذلك الوقت، المعنى ويوم يقول للشيء كن فيكون وهذا إنما ذكر ليدّل على سرعة أمر البعث والساعة فكأنه يقول ويوم يقول للخلق موتوا فيموتون وانتشروا فينتشرون أي لا يتعذر عليه ذلك ولا يتأخر عن وقت إرادته.

السابقالتالي
2