الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّٰكُم بِٱلَّيلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

اللغة: المفاتح جمع مَفْتَح فالمِفْتح بالكسر المفتاح الذي يفتح به والمفَتْح بفتح الميم الخزانة وكل خزانة كانت لصنف من الأشياء فهو مَفتح قال الفراء: في قولـه: إنَّ مفاتحه لتنوء بالعصبة يعني خزائنه والتوفي قبض الشيء على التمام يقال توفيت الشيء واستوفيته بمعنى والجرح العمل بالجارحة والإجتراح الإكتساب. الإعراب: ولا حبَّة تقديره ولا تسقط من حبة ثابتة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس وقولـه إلا في كتاب مبين الجار والمجرور في موضع الرفع لأنه خبر الابتداء تقديره إلا هو في كتاب مبين ولا بدّ من هذا التقدير لأنَّه لو لم يكن محمولاً على هذا لوجب أن لا يعلمها في كتاب مبين وهو سبحانه يعلم ذلك في كتاب مبين والاستثناء منقطع. المعنى: لمّا ذكر سبحانه أنه أعلم بالظالمين بَيَّن عقيبه أنه لا يخفى عليه شيء من الغيب ويعلم أسرار العالمين فقال: { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو } معناه وعنده خزائن الغيب الذي فيه علم العذاب المستعجل به وغير ذلك لا يعلمها أحد إلا هو أو من أعلمه به وعلّمه إياه. وقيل: معناه وعنده مقدورات الغيب يفتح بها على من يشاء من عباده بإعلامه به وتعليمه إياه وتيسيره السبيل إليه ونصبه الأدلة له ويغلق عمن يشاء بأن لا ينصب الأدلة له وقال الزجاج: يريد عنده الوصلة إلى علم الغيب وكل ما لا يعلم إذا استعلم يقال فيه أفتح عليّ. وقال ابن عمر: مفاتح الغيب خمسة ثم قرأإن الله عنده علم الساعة } [لقمان: 34] الآية، وقال ابن عباس: معناه وعنده خزائن الغيب من الأرزاق والأعمار وتأويل الآية أن الله تعالى عالم بكل شيء من مبتدآت الأمور وعواقبها فهو يعجّل ما تعجيله أصوب وأصلح ويؤخر ما تأخيره أصوب وأصلح وأنه الذي يفتح باب العلم لمن يريد من الأنبياء والأولياء لأنه لا يعلم الغيب سواه ولا يقدر أحد أن يفتح باب العلم به للعباد إلا الله. { ويعلم ما في البر والبحر } من حيوان وغيره وقال مجاهد: البر القفار والبحر كل قرية فيها ماء { وما تسقط من ورقة إلا يعلمها } قال الزجاج: المعنى أنه يعلمها ساقطة وثابتة وأنت تقول ما يجيئك أحد إلا وأنا أعرفه فليس تأويله إلا وأنا أعرفه في حال مجيئه فقط. وقيل: يعلم ما سقط من ورق الأشجار وما بقي ويعلم كم انقلبت ظهراً لبطن عند سقوطها. { ولا حبة في ظلمات الأرض } معناه وما تسقط من حبة في باطن الأرض إلاّ يعلمها وكنى بالظلمة عن باطن الأرض لأنه لا تدرك كما لا يدرك ما حصل في الظلمة، وقال ابن عباس: يعني تحت الصخرة في أسفل الأرضين السبع أو تحت حجراً أو شيء.

السابقالتالي
2 3